تكون حقيقة و هي الّتي تكون من المقولات التسع بمراتبها الثلاث. و أخرى:
تكون اعتباريّة و هي الملكيّة الّتي يعتبرها العرف و العقلاء عند حصول أحد أسبابها. و إن أبيت إلّا عن كون الجدة الّتي هي من المقولات التسع عبارة عن خصوص المرتبة الأخيرة من الواجديّة جريا على الاصطلاح، فلا يضرّ ذلك بالمقصود في المقام: من أنّه ليست الملكيّة من الأمور الانتزاعيّة، و كذا غيرها من سائر الاعتبارات كالحريّة و الرقيّة و الزوجيّة و نحو ذلك. و ليس المقصود في المقام استقصاء الأمور الاعتباريّة، بل المقصود أنّ الأمور الاعتباريّة متأصّلة بالجعل و أنّ وعاء الاعتبار غير وعاء الانتزاع، فاستعمال أحدهما في مكان الآخر ليس على ما ينبغي، و سيأتي أنّ المجعولات الشرعيّة كلّها تكون من الأمور الاعتباريّة، سواء في ذلك الأحكام التكليفيّة و الوضعيّة.
- الأمر الثالث-
المراد من الأحكام التكليفيّة هي المجعولات الشرعيّة الّتي تتعلّق بأفعال العباد أوّلا و بالذات بلا واسطة، و هي تنحصر بالخمسة، أربعة منها تقتضي البعث و الزجر، و هي الوجوب و الحرمة و الاستحباب و الكراهة، و واحدة منها تقتضي التخيير و هي الإباحة.
و أمّا الأحكام الوضعيّة: فهي المجعولات الشرعيّة الّتي لا تتضمّن البعث و الزجر و لا تتعلّق بالأفعال ابتداء أوّلا و بالذات، و إن كان لها نحو تعلّق بها و لو باعتبار ما يستتبعها من الأحكام التكليفيّة، سواء تعلّق الجعل الشرعي بها ابتداء تأسيسات أو إمضاء، أو تعلّق الجعل الشرعي بمنشإ انتزاعها، على ما سيأتي توضيحه.
و قد اختلفت كلمات الأصحاب في تعدادها، فقيل: إنّها ثلاثة، و هي السببيّة و الشرطيّة و المانعيّة. و قيل: إنّها خمسة، بزيادة العلّة و العلامة. و قيل: