لأنّ نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة المعروض إلى العرض، فلا يعقل أن يكون الحكم موجدا لموضوعه لاستلزامه الدور المحال.
و لكن لا يخفى عليك فساد هذا الوجه أيضا، فانّ الّذي لا يعقل هو إثبات الحكم موضوع شخصه، لا إثبات موضوع لحكم آخر، فانّ هذا بمكان من الإمكان، و المقام يكون من هذا القبيل، فانّ خبر «المفيد» إنّما يثبت بوجوب تصديق الشيخ (ره) في إخباره عنه الّذي فرضنا أنّه محرز بالوجدان، و إذا ثبت خبر «المفيد» بوجوب تصديق «الشيخ» يعرض عليه وجوب التصديق، و من وجوب تصديق «المفيد» يثبت خبر الصدوق (ره) فيعرض عليه وجوب التصديق، و هكذا إلى أن ينتهى إلى أوّل سلسلة الوسائط، فكل حكم لموضوع مثبت لموضوع آخر يترتب عليه حكم آخر، فتكون موضوعات متعددة لأحكام متعددة، غايته أنّ الأحكام تكون من سنخ واحد، و تعدد الأحكام إنّما ينشأ من انحلال قضية «صدّق العادل» كما هو الشأن في جميع القضايا الحقيقية حيث إنّها تنحل إلى أحكام متعددة حسب ما لموضوعها من الأفراد.
و الحاصل: أنّ خبر المنقول عنه يثبت بالتعبد بتصديق الناقل، فلا يلزم إثبات الحكم لموضوع شخصه.
الوجه الرابع: هو أنّه يلزم أن يكون الأثر الّذي بلحاظه وجب تصديق العادل نفس تصديقه، من دون أن يكون في البين أثر آخر كان وجوب التصديق بلحاظه.
و توضيح ذلك: هو أنّ التعبد بالأصول و الأمارات القائمة على الموضوعات الخارجية إنّما هو باعتبار ما يترتب عليها من الآثار الشرعية، و لا بد أن تكون تلك الآثار مترتبة على الموضوعات بأدلتها ليصح التعبد بالأمارة بلحاظ تلك الآثار، مثلا التعبد بخبر العدل القائم على عدالة «زيد» و وجوب تصديقه إنما يكون باعتبار ما يترتب على عدالته من الآثار: من جواز الصلاة