و الثاني: كقوله عليه السلام[1] «إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر أجزأ عنه ذلك عن كلّ غسل يلزمه في ذلك اليوم» فانّ إطلاقه يشمل ما لو لم يلتفت الجنب حين غسل الجنابة إلى أسباب آخر. و بالجملة: لو قام الدليل كذلك لكشف عن كفاية نيّة الشيء عن إتيانه عن الأسباب المتعددة، و يصير المميّز للأسباب هو النّية.
الفصل الثاني: في مفهوم الوصف
و لا يخفى: انّ عنوان محلّ البحث، و ان جعل في كلمات الأساطين- كالكفاية بل التقرير- هو الأعمّ، و لكن الحق هو اختصاص محلّ النزاع بالوصف المعتمد على الموصوف دون غيره، فانّ غيره ليس إلّا كمفهوم اللّقب، فانّ إثبات حكم لموضوع بعد فرض كونه لا يدلّ على انتفاء سنخ هذا الحكم عن غير هذا الموضوع لا فرق فيه، بين ان يكون الموضوع في القضيّة شخصيّا كأكرم زيدا، أو كليّا كجئ بإنسان، أو اشتقاقيّا كأكرم عالما، فكما لا يدل إثبات حكم لزيد على انتفاء سنخ هذا الحكم عن غيره، فكذلك إثبات حكم للعالم لا يدلّ على انتفاء سنخ هذا الحكم عن غير العالم. و توهّم انّ المشتق مأخوذ فيه الذات بناء على قول، أو متضمّن لها على آخر- فكان الموضوع قد ذكر في القضيّة- من أعجب الغرائب.
و بالجملة: الالتزام بالمفهوم فيما إذا ذكر الموصوف صريحا، انّما هو لخروج الكلام عن اللّغوية، و تقريبه: انّ الحكم لو لم يختصّ بمورد الوصف و كان ثابتا له و للفاقد لما كان لذكر الوصف وجه. و هذا لا يجري في مثل أكرم عالما، فانّ ذكر موضوع الحكم لا يحتاج إلى نكتة غير إثبات الحكم له، لا إثباته له و انتفائه عن غيره.
و بالجملة: الوصف الغير المعتمد على الموصوف ليس إلّا اللّقب.
فالأولى ان يجعل العنوان هكذا: لو نعّت موضوع القضيّة بنعت، فهل يدلّ ذكر النّعت بعد المنعوت على انتفاء الحكم عن ذات المنعوت الغير المتّصف بهذا
[1] الوسائل- الجزء الباب 43- من أبواب الجنابة- الحديث 1- 2- ص 526