و تقييد بعض بما إذا لم تستلزم الصلاة تصرّفا زائدا لم يظهر لنا وجهه، فانّ شاغليّة الشّخص للمكان لا يختلف بين كونه قائما أو قاعدا أو نائما، و لا يزيد بذلك أو ينقص، فليس صلاة المحبوس تصرّفا زائدا على ما إذا كان قاعدا، بل لا يعقل ان يكون تصرّفه في حال الصلاة زائدا على تصرّفه في حال العقود، و ان كان العرف ربّما يعد الصلاة لمكان اشتمالها على الهويّ و الجلوس و الرّكوع و السجود تصرفا زائدا على ما إذا كان ساكنا، إلّا انه لا عبرة بالنّظر العرفي، بعد ما كان تصرّفه بحسب الدّقة لا يزيد و لا ينقص.
هذا إذا كان محبوسا في الدّار المغصوبة. و امّا إذا دخل في الدّار الغصبيّة لا عن اختيار، و لكن كان مختارا في الخروج عنها، فاللازم هو الصلاة في حال الخروج ماشيا إذا ضاق وقتها، و ليس له المكث فيها للصلاة، لأنه اختياري محرّم، فتأمل جيدا.
ثم لا يخفى عليك: انّ المراد من عدم المندوحة هو عدم المندوحة في الغصب، بحيث كان غير متمكّن من ترك الغصب، كالمحبوس. و امّا لو كان متمكّنا من ترك الغصب، و لكن كان غير متمكّن من الصلاة إلّا في المغصوب، بحيث دار الأمر بين ترك الصلاة و بين ترك الغصب، فهذا خارج عمّا نحن فيه، و في مثل هذا لا بدّ من ملاحظة الأهميّة و المهميّة، و لا يجري فيه قوله عليه السلام: الصلاة لا تسقط بحال، لأنه انّما يكون بالنّسبة إلى القيود الغير المحرّمة ذاتا، فتأمل جيدا.
هذا كلّه إذا لم يكن عدم المندوحة بسوء الاختيار، و اما إذا كان ذلك بسوء الاختيار، كمن توسط أرضا مغصوبة باختياره، فالكلام فيه تارة: يقع من حيث الحكم التكليفي و انّ خروجه هل يكون مأمورا به أو منهيّا عنه؟ و أخرى: يقع من حيث صحّة الصلاة في حال الخروج و عدمها.
امّا الجهة الأولى:
فقد وقعت معركة الآراء و تعدّدت فيها الأقوال فقول: بأنّ الخروج واجب ليس إلّا و لا يعاقب عليه، و هو المنسوب