الثّاني: عدم قدرة المكلّف على فعل كلّ من المتعلّقين مع اختلاف زمانهما، كما إذا لم يتمكّن من القيام في الرّكعة الأولى و الثّانية معا، بل كان قادرا على القيام في أحدهما فقط. و الفرق بين هذا و سابقه: هو انّ عدم القدرة في هذا الوجه ناش عن عجز المكلّف في حدّ ذاته عن فعل المتعلّقين، و في سابقه كان ناشئا عن وحدة زمان المتعلّقين، من دون ان يكون المكلّف في حدّ ذاته عاجزا لو لا اتّحاد الزّمان.
الثّالث: تلازم المتعلّقين مع اختلافهما في الحكم، كما إذا وجب استقبال القبلة و حرم استدبار الجدي، مع تلازمهما في بعض الأمكنة.
الرّابع: اتّحاد المتعلّقين وجودا، كما في موارد اجتماع الأمر و النّهى بناء على الجواز، و سيأتي في مبحث اجتماع الأمر و النّهى إن شاء اللّه تعالى توضيح هذا الوجه و الفرق بينه و بين الاتّحاد المصداقي، كالعالم الفاسق، و انّ الثّاني ليس من باب التزاحم.
الخامس: صيرورة أحد المتعلّقين مقدّمة وجوديّة لمتعلّق الأخر، كما إذا توقّف إنجاء المؤمن على التّصرّف في ملك الغير بغير رضاه. و ليعلم انّ هذه الأمور انّما تكون من باب التّزاحم إذا كان وقوعها اتّفاقيا لا دائميّا، بحيث اتّفق تضادّ المتعلقين و اجتماعهما في الزّمان، أو اتّفق عدم قدرة المكلف على جمعهما، أو اتّفق تلازم المتعلقين، أو اتّحادهما، أو مقدّمية أحدهما للآخر.
و امّا إذا كان التّضاد أو التّلازم أو الاتّحاد أو غير ذلك من الأمور المذكورة دائميّا، فيخرج عن باب التّزاحم و يندرج في باب التّعارض، على ما تقدّم من الضّابط بين البابين، فان دائميّة ذلك توجب امتناع جعل الحكمين و تشريعهما ثبوتا، كما لا يخفى. و ليعلم أيضا انّ التّزاحم انّما يتحقّق بعد البناء على كون الأحكام مجعولة على نهج القضايا الحقيقيّة. و امّا لو قلنا بجعلها على نهج القضايا الخارجيّة فالتّزاحم غير معقول، بل جميع ذلك يكون من التّعارض، لأنّه يرجع إلى امتناع الجعل أيضا كما لا يخفى وجهه.