مصلحة الواقع، و هذا مع انكشاف الخلاف و إمكان تحصيل المصلحة الواقعيّة لا يتحقّق. فتحصل: انّه لا محيص عن القول بعدم الأجزاء في باب الطّرف و الأمارات القائمة على الأحكام الكليّة الشّرعيّة.
الجهة الثّانية:
في اقتضاء المأتيّ بالأمر الظّاهريّ الشّرعي الّذي يكون مؤدّى الأمارات في باب الموضوعات الشّرعيّة للأجزاء، كما إذا قامت البيّنة على نجاسة الماء، فصلّى مثلا مع التّيمّم، ثمّ انكشف مخالفة البيّنة للواقع و انّ الماء كان طاهرا، و الحقّ فيه أيضا عدم الأجزاء، فانّ تقييد الموضوعات الشّرعيّة بالعلم و الظّن و الشّك واقعا و ان كان بمكان من الإمكان، كما إذا رتّب النّجاسة على معلوم البوليّة، و الحرمة على معلوم الخمريّة أو الّذي لم تقم أمارة على نجاسته أو خمريّته، إلّا انّ الكلام فيما إذا لم يقيّد الموضوع بذلك، و كان الشّيء بعنوانه الأوّلي موضوعا للحكم، و ان حجّيّة البيّنة لمجرّد الطّريقيّة من دون ان يكون لها شائبة الموضوعيّة- كما هو ظاهر أدلّة اعتبارها- و ح يكون الكلام في هذه الجهة كالكلام في الجهة الأولى، من حيث عدم اقتضاء الأجزاء، على ما عرفت تفصيله.
الجهة الثّالثة:
في اقتضاء المأتيّ به بالأمر الظّاهري الشّرعيّ الّذي يكون مؤدّى الأصول الشّرعيّة العمليّة للأجزاء، كقاعدة الطّهارة، و استصحابها.
و قد ذهب بعض الأعلام إلى اقتضاء ذلك للأجزاء، على تفصيل بين الأصول الغير المتكفّلة للتّنزيل كأصالة الطّهارة و الحلّ، و بين الأصول المتكفّلة للتّنزيل كاستصحابهما، حيث انّه في الأوّل جزم بالأجزاء، و في الثّاني تردّد، و لعلّ الوجه في التفصيل، هو انّ الاستصحاب له جهتان: جهة تلحقه بالطرق و الأمارات، وجهة تلحقه بالأصول العمليّة، و الجهة الّتي تلحقه بالأمارات هي جهة إحرازه و تكفّله للتّنزيل، و الجهة الّتي تلحقه بالأصول العمليّة هي كون المجعول فيه البناء العملي لا الطّريقيّة، فبالنظر إلى الجهة الأولى يقتضى عدم الأجزاء، كما في الطّرق و الأمارات، و بالنّظر إلى الجهة الثّانية يقتضى الأجزاء.