في حال الاستطاعة، و شكّ في كون الاستطاعة شرطا للوجوب أو للحجّ، فالظّاهر أيضا رجوع القيد إلى المادّة فقط، لاحتياج رجوع القيد إلى الهيئة إلى عناية زائدة، و الإطلاق يدفع ذلك.
نعم لا يتمشّى الوجه الثّاني [1] و الثّالث فيما إذا كان دليل القيد لبيا كما لا يخفى. هذا حاصل ما أفاده مدّ ظلّه، و لكن للنظر فيه مجال، كما لا يخفى على المتأمّل.
هذا تمام الكلام في الواجب المشروط و المطلق و ما يتعلّق بذلك من المباحث.
و ينقسم الواجب أيضا إلى نفسيّ و غيريّ
و عرف الغيري: بما أمر به للتّوصّل إلى واجب آخر. و يقابله النّفسي، و هو ما لم يؤمر به لأجل التّوصّل به إلى واجب آخر. و قد يعرف النّفسيّ: بما أمر به لنفسه، و الغيري: بما أمر به لأجل غيره.
و قد أشكل على التّعريف الأوّل بما حاصله: انّه يلزم ان يكون جلّ الواجبات غيريّة، لأنّ الأمر بها انّما هو لأجل التّوصّل بها إلى ما لها من الفوائد و الملاكات المترتّبة عليها، الّتي تكون هي الواجبة في الحقيقة، و كونها مقدورة بالواسطة لأنّها من المسبّبات التوليديّة.
ثمّ وجّه المستشكل بأنّ ترتّب الملاكات على الواجبات و كون الملاكات من المسبّبات التّوليديّة لا ينافى الوجوب النّفسي، لأنّه يمكن ان تكون الواجبات معنونة بعنوان حسن، و بانطباقه عليها تكون واجبات نفسية، و ارجع تعريف الواجب النّفسي بأنه ما أمر به لنفسه إلى ذلك هذا.
و قد أشبعنا الكلام في بطلان توهّم كون الملاكات من المسبّبات التّوليديّة في مبحث الصّحيح و الأعمّ، و انّه ليست الملاكات واجبة التّحصيل لكونها من الدّواعي، و لا يمكن تعلّق إرادة الفاعل بها. فراجع ذلك المبحث. و عليه لا يرد
______________________________ [1] مرادنا من الوجه الثاني: هو ظهور دليل القيد في عدم أخذه مفروض الوجود، و من الوجه الثالث:
هو الظهور النّوعي في رجوع ما كان بصيغة الحال إلى المادة فقط- منه.