بما ذكرنا من مرتبة علم الأصول يظهر الضّابطة الكليّة لمعرفة مسائل علم الأصول، و حاصل الضّابط: انّ كلّ مسألة كانت كبرى لقياس الاستنباط فهي من مسائل علم الأصول.
و بذلك ينبغي تعريف علم الأصول، بان يقال: انّ علم الأصول عبارة عن العلم بالكبريات الّتي لو انضمت إليها صغرياتها يستنتج منها حكمفرعيّ كلّي، فانّ ما عرّف به علم الأصول: من انّه العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط إلخ- لا يخلو عن مناقشات عدم الاطراد و عدم الانعكاس، كما لا يخفى على من راجع كتب القوم.
و هذا بخلاف ما عرّفنا به علم الأصول، فانّه يسلم عن جميع المناقشات، و يدخل فيه ما كان خارجا عن تعريف المشهور مع انّه ينبغي ان يكون داخلا، و يخرج منه ما كان داخلا في تعريف المشهور مع انّه ينبغي ان يكون خارجا.
ثمّ انّ المائز بين المسألة الأصوليّة و القاعدة الفقهيّة بعد اشتراكهما في انّ كلّا منهما يقع كبرى لقياس الاستنباط، هو انّ المستنتج من المسألة الأصوليّة لا يكون إلّا حكما كليّا، بخلاف المستنتج من القاعدة الفقهيّة، فانّه يكون حكما جزئيّا و ان صلحت في بعض الموارد لاستنتاج الحكم الكلّي أيضا إلّا انّ صلاحيتها لاستنتاج الحكم الجزئي هو المائز بينها و بين المسألة الأصوليّة، حيث انّها لا تصلح إلّا لاستنتاج حكم كلّي، كما يأتي تفصيله في أوائل مباحث الاستصحاب[1] إن شاء اللّه، و يأتي هناك أيضا انّ المسألة الأصوليّة قد تقع أيضا صغرى لقياس الاستنباط و تكون كبراه مسألة أخرى من مسائل علم الأصول، إلّا انّ مع وقوعها صغرى لقياس الاستنباط تقع في مورد آخر كبرى للقياس.
و هذا بخلاف مسائل سائر العلوم، فانّها لا تقع كبرى لقياس الاستنباط أصلا فراجع. و على كلّ حال، فقد ظهر لك مرتبة علم الأصول و تعريفه.