ويشدّ من عزمهم على ذلك كله الآيات الظاهرة والكرامات الباهرة والمعاجز الخارقة التي تضمنها تراث الشيعة الرفيع، ولازالوا يرونها بأعينهم ويعيشونها في واقعهم، على امتداد الزمن. وقد بلغت من الكثرة والظهور بحيث أقرّ بها غيرهم قولًا وعملًا.
الحكمة في التأكيد المذكور
وقد يخفى وجه الحكمة في ذلك على فريق من الناس، ويرون أو يقولون: إن الهدف السامي لنهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) التي انتهت بفاجعة الطف هو إصلاح المجتمع وتوجيهه نحو المبادئ السامية التي نهض الإمام الحسين (ع) من أجلها، فاللازم الاهتمام بذلك. أما هذه الممارسات فهي لا تزيد عن أن تكون تقاليد وعادات، لا أهمية لها في تحقيق الهدف المذكور، ولا تستحق هدر هذه الطاقات الهائلة من أجلها.
وقد سبق أن رفع شعار يقول: «إن الحسين قتل من أجل العِبرة، لا من أجل العَبرة». كما قد يقال: إنه (ع) قتل من أجل الإصلاح، لا من أجل البكاء والضجيج والنياح.
لكن ملاحظة وضع الناس في تعاملهم مع الأمر الواقع وتعايشهم معه، وخفة وقع الأحداث في أنفسهم بمرور الزمن، تشهد بأنه لولا إصرار الشيعة على إحياء فاجعة الطف وإبراز الجوانب العاطفية فيها التي تهز الضمائر في أعماق النفس ألماً وحسرة تحمل على البكاء وتستدر الدمعة، وتثير العجيج والضجيج، لخفّ وقع الفاجعة بمرور الزمن، ولنسيها الناس، كما نسوا كثيراً من الأحداث المهمة، نتيجة طول المدة.