العباس في التنصل مما فعله بسر بن أرطاة وقتله لولديه[1].
وعلى ذلك فمعاوية وإن جدّ في نقض الشروط التي بينه وبين الإمام الحسن (صلوات الله عليه)، إلا أن الإمام (ع) لو استعمل حقه الواقعي والشرعي، وخرج عليه، لأغفل معاوية ما سبق منه، وسلط الأضواء على موقف الإمام (صلوات الله عليه)، وركز إعلامه عليه، وأخذ يشنع على الإمام (ع) بأنه قد نقض العهد، وخاس بشرطه، وجنّد قوته الإعلامية الهائلة ورواة السوء من أجل ذلك، بحيث يخدش في قدسية الإمام (صلوات الله عليه)، وقدسية دعوته، ويزعزع بعدهما العقائدي.
وهي طريقة المبطلين المألوفة في صراعهم مع غيرهم. وما أكثر مفردات ذلك، بل نحن قد عشنا ولازلنا نعيش مع بعض تلك المفردات.
وهذا معاوية نفسه كتب له مروان أنه لا يأمن وثوب الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، فكتب للإمام (ع): «أما بعد فقد انتهت إلي أمور عنك إن كانت حقاً- فقد أظنك تركتها رغبة- فدعها. ولعمر الله إن من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء ... وعظ نفسك فاذكر، ولعهد [وبعهد. خ] الله أوف ...». وهو بذلك يغفل بدءه بنقض العهد.
ولذا أجابه الإمام الحسين (صلوات الله عليه) بكتاب يقول فيه بعد كلام طويل يتضمن استعراض موبقاته، ومنها قتله لجماعة من الشيعة: «إنك قد ركبت بجهلك وتحرّضت [تحرصت] على نقض عهدك. ولعمري ما وفيت بشرط. ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق ...»[2].
[2] اختيار معرفة الرجال ج: 1 ص: 120- 124 عند ذكر عمرو بن الحمق. وقد ذكر الكتابين بتغيير يسير واختصار في تاريخ دمشق ج: 14 ص: 205- 206 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، وتهذيب الكمال ج: 6 ص: 413- 414 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، وتاريخ الإسلام ج: 5 ص: 6 في أحداث سنة واحد وستين من الهجرة: مقتل الحسين، والبداية والنهاية ج: 8 ص: 174 أحداث سنة ستين من الهجرة: صفة مخرج الحسين إلى العراق. وغيرها من المصادر.