لمّا كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بمكة، أمره اللَّه تعالى أن يتوجّه نحو بيت المقدس في صلاته، ويجعل الكعبة بينه وبينها اذا أمكن، واذا لم يمكن استقبل بيت المقدس كيف كان، فكان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم يفعل كذلك طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة، فلّما كان بالمدينة وكان متعبّداً باستقبال بيت المقدس، استقبله وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهراً أوستة عشر شهراً، وجعل قومٌ من مردة اليهود يقولون: واللَّه ما درى مُحَمَّد كيف يصلّي حتى صار يتوجّه الى قبلتنا ويأخذ في صلاته بهدينا ونسكنا، فاشتدّ ذلك على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لمّا اتّصل به عنهم وكره قبلتهم، وأحبّ الكعبة.
فجاءه جبرئيل عليه السلام فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: يا جبرئيل لوددت لو صرفني اللَّه عن بيت المقدس الى الكعبة، فقد تأذّيت بما يتّصل بي من قبل اليهود من قبلتهم.
فقال جبرئيل عليه السلام: فاسأل ربّك أن يحوّلك اليها فانه لا يردّ عن طلبتك، ولا يخيّبك عن بغيتك.
فلمّا استتم دعاءه صعد جبرئيل ثم عاد من ساعته فقال: اقرأ يا مُحَمَّد:
«قد نرى تقلّب وجهك في السماء فلنولينّك قبلة ترضاها فولّ وجهك شطر