فرقة تغلو غُلوّاً شديداً، وتقول قولًا عظيماً، وهم أصحاب عبداللَّه بن سبأ يقال لهم: السبأية قالوا لعليّ: أنت إله العالمين، أنت خالقنا ورازقنا وأنت محيينا ومميتنا، فاستعظم عليٌّ ذلك من قولهم، وأمر بهم فأُحرقوا بالنار، فدخلوا النار وهم يضحكون ويقولون: الآن صحّ لنا أنّك إله، اذ لا يعذّب بالنار إلا ربُّ النار! وزعم اخوانهم بعد ذلك انهم لم تمسُّهم النار، وإنّما صارت عليهم برداً وسلاماً كما صارت على إبراهيم عليه السلام، وعند ذلك قال رضي اللَّه عنه:
إني إذا رأيت امراً منكرا
أَجَّجْتُ ناراً ودعوتُ قنبرا
(27) قال ابن أبي الحديد المعتزليّ:
واما السياسة فانه كان شديد السياسة، خشناً في ذات اللَّه لم يراقب ابن عمّه في عمل كان ولّاه إيّاه، ولا راقب أخاه عقيلًا في كلام جَبَهه به، وأحرق قوماً بالنار، ونقض دار مصقَلة بن هُبَيرة ودار جرير بن عبداللَّه البَجَليّ، وقطع جماعةً وصلب آخرين، ومن جملة سياسته في حروبه أيام خلافته بالجمل وصفّين والنهروان، وفي اقلّ القليل منها مقنع، فان كلّ سائس في الدنيا لم يبلغ فتكه وبطشه وانتقامه مبلغ العشر ممّا فعل عليه السلام في هذهالحروب بيده واعوانه، فهذه هي خصائص البشر ومزاياهم قد اوضحنا أنّه فيها الإمام المتبع فعله والرئيس المُقتفى أثره.[1529]
(28) وعن عليّ قال: لتحبّني اقوامٌ حتىّ يدخلوا النار في حبّي، ويبغضني