والعجب كله لقوم رأوا رسول الله (ص) قد ولى عمرو بن العاص وأسامة بن زيد على أبي بكر ثم يولّونه على أمير المؤمنين (ع) والعباس.

ومن عجيب أمرهم: دعواهم ان امامة أبي بكر تثبت عن إذن ارتياه من أهل الحل والعقد، وتأمل واختيار، هذا مع سماعهم قول عمر بن الخطاب: ( (كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرّها، فمَن عاد الى مثلها فاقتلوه))[343] فشهد بأنها كانت قد وقعت بغتة من غير رويّة، وحصَلت فجأة عن عجلة من غير مشورة، وفي هذا غاية الذم لها، والتكذيب لهم فيما ادّعوه فيها مع التهديد بسفك دَم من عاد الى مثلها، وليس يشكّ عاقلٌ في أن الفلتة التي هي العجلة والبدار تضادّ ما يدّعون من التأمّل والأختيار.

ومن عجيب أمرهم: دعواهم ان الأمة اجتمعت على ابي بكر مع علمهم بقلّة عدد العاقد لها، وتأخّر مَن تأخّر عنها، وانكار المنكرين لها، والخلف الواقع فيها في حال السقيفة وبعدها، فيقولون: انّ مَن خالف من الأنصار، وتأخّر من بني هاشم الأخيار، مع وجوه الصحابة وأعيانهم، وبني حنيف بأسرهم، وما ظهر من انكارهم امامته، وخلافهم كلهم شذّاذ لا يخرقون الإجماع، ثم ينكرون ان يكون الإجماع حصل على حصار عثمان وخلعه، وتكفيره وقتله، ولم يكن‌

[343]- أنساب الأشراف: 2/ 264، تأريخ الطبري: 3/ 205، شرح نهج البلاغة: 2/ 275، نهج الحق: 264، تأريخ الخلفاء: 67.