1- مفهوم الأخوة

فالمواخاة أو الإخاء أو الأخوة من أروع القيم الإنسانية التي أرساها الإسلام للمحافظة على كيان المجتمع، وهي التي تجعل المجتمع وحدة متماسكة، أي أن يعيش الناس في المجتمع متحابين, مترابطين, متناصرين, يجمعهم شعور أبناء الأسرة الواحدة، التي يحب بعضهم بعضاً، ويشد بعضهم أزر بعض, يحس كل منها بأنّ قوة أخيه قوة له، وأنّ ضعفه ضعف له، وأنّه قليل بنفسه كثير بإخوانه([721]).

وكان يرى (الغزالي) أنّ المراد بالأخوة هي الصحبة والصداقة، إلى غير ذلك مما تثمر الألفة فيقول: ثمرة حسن الخلق، إذ يوجب التحاب والتآلف والتوافق، كما أنّ سوء الخلق يثمر التباغض والتحاسد والتدابر([722]).

عن الحسن العسكري (عليه السلام) قال: خير إخوانك من نسي ذنبك وذكر إحسانك إليه([723]).

فعمل الإسلام على بناء علاقات طيبة وتعضيدها بين الناس تقوم على أساس الأخوّة والألفة، فإن ظاهرة الأخوّة التي أوجدها الإسلام بين أفراده تستحق الدراسة والتأمل، فقد كان العرب - في الجاهلية - على شفا حفرة من نار الخلاف والاختلاف والتمزق والتقاتل، ولكنهم بعد أن ارتضعوا من لبان ثقافة الإسلام أصبحوا أمة متحدة، مرهوبة الجانب تمتلك أسباب التمدّن والرّقي.

فقد أحدثت مبادئ الإسلام وخاصة مبدأ الأخوة إنعطافاً اجتماعياً حاداً في أنماط تفكير الغالبية وسلوكها من المسلمين، إذ كان الإنسان الجاهلي قبل الإسلام

[721] السرجاني, راغب: الأخلاق والقيم في الحضارة الإسلامية, ص61.

[722] مبارك, زكي: الأخلاق عند الغزالي, دار الجيل, بيروت – لبنان, ط1, 1988, ص288.

[723] المجلسي: بحار الانوار, ج75, ص379.