responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التربية عند أئمة أهل البيت عليهم السلام نویسنده : الغرابي، مها نادر عبد محسن    جلد : 1  صفحه : 186

فاقتفى حي بن يقظان اثره لما كان في طباعه من البحث عن حقائق الاشياء. فشرع أبسال في الصلاة والدعاء والبكاء، والتفرغ والتواجد، حتى شغله ذلك عن كل شيء. فجعل حي بن يقظان يتقرب منه قليلا قليلا، وأبسال لا يشعر به حتى دنا منه بحيث يسمع قراءته وتسبيحه، ويشاهد خضوعه وبكاءه. فسمع صوتاً حسناً وحروفاً منظمة لم يعهد مثلها في شيء من أصناف الحيوان.

فلما أحس به أبسال فر منه, فلحق به حي وأظهر البشر والفرح، وكان أبسال قد مهر في كثير من الألسن، فظل يتكلم بكل لسان يعرفه فلم يستطع افهامه شيئاً، وحي بن يقظان في ذلك كله يتعجب مما يسمع ويرى: ثم آنس كل منهما بالاخر، ورجا أبسال أن يعلمه الكلام والعلم والدين ليكون له بذلك أجر عند الله وزلفى.

فشرع في تعليمه الكلام بأن كان يشير به إلى أعيان الموجودات وينطق بأسمائها ويكرر ذلك عليه، حتى جعله يتكلم في أقرب مدة. وهنالك سأله أبسال عن شأنه ومن أين صار إلى تلك الجزيرة فاعلمه حي أنه لا يدري لنفسه إبتداءً ولا أباً ولا أماً أكثر من الظبية التي ربته، ووصف له شأنه كله وكيف ترقى بالمعرفة حتى انتهى إلى درجة الوصول([487]).

فلما سمع منه أبسال وصف تلك الحقائق والذوات المفارقة لعالم الحس ووصف ذات الله، لم يشك أبسال في أن الأشياء جميعها التي وردت في شريعته من امر الله عزّ وجلّ، وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وجنته وناره، هي امثلة هذه التي شاهدها حي بن يقظان، فانفتح بصره، وتطابق عنده المعقول والمنقول.


[487] ابو بكر, ابن طفيل: حي بن يقظان,قدم له وعلق عليه د. البير نصري نادر, دار المشرق, بيروت, ط3, ص89.

نام کتاب : التربية عند أئمة أهل البيت عليهم السلام نویسنده : الغرابي، مها نادر عبد محسن    جلد : 1  صفحه : 186
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست