وعليه فلابدّ أن نتخذ من هذا الكتاب مرشداً لنا في التعامل مع الناس بالمعروف وسبيلاً للفوز برحمة العزيز المقتدر ورضاه سبحانه وتعالى. هذا هو الفرقان، دستور الإنسان الأزلي، يفرق به المؤمن بين الحق والباطل، وفي ضوء آياته البينات يميز الصواب والخطأ، ويختار الطيب وينبذ الخبيث، به يهتدى إلى الحق ويتحرى الصواب ويتخير الطيب في فكره وضميره وفي قوله وعمله فيفوز فوزاً مبيناً في حياته الدنيا وفي دار البقاء والخلود. فإلى قران الله الحكيم خاتم كتب الله، علينا أن نهتدي به إلى الطريق القويم في أسلوب عملنا في هذه الحياة الدنيا وسلوكنا فيها، وبه نسترشد دوافع العمل وأهدافه وطريقته بعد أن تتدبر الأسباب الطيبة لنحصل على مسببات طيّبات نربط بينها لسلوك الطيب. وما أبلغ هذا القرآن وما أعظم بيانه لمعنى السلوك الذي يجب على كل مؤمن الأخذ به ليسعد به وليشمله الله برعايته ونظرة رحمته.

والمؤمن الصادق في إيمانه، أن يسير على صراط ربه المستقيم بلا انحراف ولاعوج، إنّما يجعل من نفسه ومن سلوكه قدوة حسنة لغيره، وعاملاً فاعلاً في بث الخير واعلاء كلمة الحق فعلى المؤمن إذاً، ان يبدا بنفسه فيأخذ بمبادئ هذا الدين القيم، المبينة بأوضح بيان القرآن الكريم، فنسير على هدى آياته نصاً وروحاً في سلوكه العام والخاص، فكراً وقولاً وعملاً، في صدق وتقوى، فيكون له بذلك قوة الإيحاء والتأثير فيمن حوله ومن يتعامل معهم. يتقبلون منه النصح فيردهم عن الضلالة إلى الهدى وعن الإنحراف إلى الاستقامة. هذا ما يجب أن يكون عليه سلوك الفردي للمؤمن([385]).

[385] سليم, محمد بهائي: القرآن الكريم والسلوك الإنساني, الهيئة المصرية العامة للكتاب, 1978, ص141- 143.