سادساً: آثاره ومعارفه

الإمام الحسين عليه السلام شخصية إنسانية نادرة لن تتكرر على الوجود الأرضي أحبه الجنس البشري بجميع أجناسه أبيضهم وأسودهم، ولا تجد أي ديانة سماوية موجودة على الأرض إلا ونهلت من الحسين عليه السلام منهجاً وسلوكاً ومعرفة، ولم يكن هذا التقدير والإجلال سبب اتصاله نسباً بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقط، وهو بلا شك يشكل مكانة مرموقة ومقدسة بل ماقدمته أخلاقه للإنسانية لما يتمتع به من فكر وعلم، فلا تجد علماً من العلوم إلا وللحسين عليه السلام فيه أثر وقد كان يجلس في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والناس حوله حلقات للنهل من علومه الغزيرة قال معاوية لرجل من قريش (إذا دخلت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأيت حلقة فيها قوم كأنّ على رؤوسهم الطير، فتلك حلقة أبي عبد الله مؤتزراً على إنصاف ساقيه ليس من ألهزيلي شيء) ([92]).

وهذا واقع سلوك أهل البيت (عليهم السلام) عموماً لأنهم بعيدون عن المزاح والهزل وعمل اللاهين، لأنهم اختصوا بالدعوة إلى هداية البشر وإنقاذهم من الظلمات بكل معانيها، يقول العلائلي: (كان مجلسه مهوى الأفئدة ومتراوح الأملاك يشعر الجالس بين يديه أنّه ليس في حضرة إنسان من عمل الدنيا، وصنيعة الدنيا، تمتد أسبابها برهبته وجلاله وروعته، بل في حضرة طفاح بالسكنية كأن الملائكة تروح فيها وتغدو) ([93]).

[92] ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) ابن عساكر المطبوع: 212 ح191, وينظر أيضاً: مصنف أبي شيبة الكوفي: 7/297, المعجم الأوسط: 4/181.

[93] أشعة من حياة الحسين: 93.