تكون ذات خطاب واحد بمعنى عدم فسح المجال لمن هم في غير دفة الحكم بأن يلقوا خطاباتهم بحرية صيانة لكراسيهم، ومن هنا جاء في الحديث ان افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، فكلمة الحق هذه هي خطاب معارض يفضح السلطة.

ولم يك يتصور الخليفة ان يكون خطاب الزهراء عليها السلام في المسجد حاملا لشيء من تلك المواصفات ولو علم ذلك ما أباح لها الكلام!! بل ربما انه تصور ان تكون للزهراء عليها السلام كلمة سريعة عاجلة فيها الندب على وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو المرور الخاطف على مسألة فدك لا اكثر!، ولأنها مريضة وقداستحوذ عليها الحزن لفراق ابيها فسيكون كلامها ضعيفا هزيلا خاصة وانه لم تمر مناسبة سابقة تكون الزهراء عليها السلام قد ألقت خطابا مثلا ليتعرف الجاهلون بها والمتجاهلون لها عن المنطق الرباني لسيدة نساء العالمين.

وكان خطاب الزهراء عليها السلام اول خطاب لمعارضة داعمة لأهل البيت عليهم السلام بتعبير آخر كانت عليها السلام هي اللسان الناطق عنهم، اذ لم يعد هناك خطاب واحد كما كان الحال في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بل ظهرخطاب التضاد أو الخطاب المعارض والذي يهدف الى تأجيج الوعي في عقول الناس وتحريك الاتجاهات في المسار الصحيح الموالي لآل البيت عليهم السلام.. هو اذن خطاب النخبة الواعية المظلومة والمعصومة.