يقول
الدكتور فياض: «يعدّ العامل الديني أهم العوامل وأبعدها أثراً في تحريض العراقيين
على الثورة ضد سلطات الاحتلال البريطاني سنة 1920م. وقد قام المجتهدون من علماء
الشيعة الإمامية، والساكنون في العتبات المقدسة في العراق بدور فعّال في حشد
المسلمين العراقيين على قتال الإنكليز، إذ امتنعوا عن التسليم بحقوق العراقيين
المشروعة بالاستقلال. وكان هؤلاء العلماء يتمتعون بنفوذ كبير على الشيعة في جميع
أنحاء العالم الإسلامي. ويعتقد الشيعة أن علماءهم نوّاب أئمتهم فلا يخالفون لهم
أمراً ولا فتوى ولا حكماً من الأحكام الشرعية»([760]).
هذا، وقد
استُثمرت مسألة ضرورة الدفاع عن النفس باستخدام السلاح في أوساط القبائل،
باعتبارها مسألة موروثة من أيام العثمانيين ودعت إليها الضرورة في أثناء الحرب،
وذلك باتجاه الإعداد للمواجهة العسكرية والثورة، وبالفعل لقد شجّع الإسلاميون عموم
الناس وخصوصاً أبناء العشائر لشراء العتاد والسلاح، وحثّوهم على حسن التعليم
والتدريب. وقد كانت الظروف المالية مشجعة - قبيل الثورة - لغرض اقتناء هذه
الأسلحة، لتطور حركة السوق المحلية - كما أسلفنا - لذلك «عندما احتل الإنكليز
العراق، لم يستطيعوا تجريد القبائل من السلاح، بالرغم من الجهود التي بذلوها في
هذا الشأن»([761])،
علماً بأن توجه الإسلاميين، هذا - كما يبدو لنا - جاء في الوقت المناسب، حيث أخذ
البناء العشائري يتعرّض لاهتزازات واضحة جرّاء سياسة
[759] ورد في بيان الإمام
الحائري الشيرازي في 10 رمضان 1338هـ. قوله: «وقد قامت جماعة كبيرة بتلك المظاهرات
مع المحافظة على الأمن طالبين حقوقهم المشروعة المنتجة لاستقلال العراق إن شاء الله
بحكومة إسلامية». راجع بيل، المس: فصول من تاريخ العراق القريب، مصدر سابق، ص441،
بالهامشرقم2.
[760] فياض، د. عبد الله:
الثورة العراقية الكبرى، المرجع السابق،ص272.