سجلت بريطانيا السبق في الاحتلال، وبذلك فرضت سياسة الأمر الواقع، فقطعت الطريق أمام الروس والمنافسين الآخرين -أيضاً-.

وفي 23 تشرين الثاني 1914م، 6محرم 1333هـ، تم احتلال البصرة، وفي اليوم ذاته جرى في البصرة استعراض عسكري للقوات البريطانية، ورفع العَلَم البريطاني محل العلم العثماني، كما وانشأ الإنكليز معسكراً لهم شمالي البصرة على بعد خمسة أميال، وقد استفادوا كثيراً من أجزاء السكة الحديدية وموادها، التابعة لمشروع الألمان. وبعد ذلك تمّ إرسال قوات إنكليزية إلى الشعيبة والمحمّرة لحراسة مداخلالبصرة.

أما ألمانيا فما عادت المنافس القوي لبريطانيا في المنطقة بالرغم من مشروع سكة حديد بغداد - المار الذكر([463])-. فبعد الاحتلال تمّ اعتقال القنصل الألماني في البصرة، وخمسة من الألمان، حيث نقلوا أسرى إلى الهند([464]).

أما العوامل الداخلية فتتركز حول الضعف العام الذي بدأ يسري في بُنية الدولة العثمانية وتماسكها، إثر تنامي سياسة الاتحاد والترقي بعد أن أحكم الاتحاديون سيطرتهم على مفاصل الدولة، وكما هو معلوم ان خطة الاتحاديين ترمي إلى تحطيم الوحدة الإسلامية، وبناء تركيا الحديثة على أُسسعلمانية.

وعليه لقد دخلت الدولة العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا، بينما كانت على الحياد حين اندلاعها في النصف الثاني من عام 1914م. ويبدو أنه «كان من الأفضل.. الوقوف على الحياد، فحتى لو انتصرت دول الوسط، ألمانيا والنمسا والمجر وإيطاليا في بادئ الأمر، فلن تترك الدولة العثمانية هادئة بل هناك مطامع كبيرة في الأراضي التركية.. وبخاصة النمسا والمجر وإيطاليا، وكان بإمكانها أن تقوم بإصلاحات كثيرة من

[463] كنه، خليل: العراق أمسه وغده، مرجع سابق، ص9. لتفاصيل التنافس والاتفاقيات بين بريطانيا وألمانيا بشأن العراق، راجع: مراد، محمد عدنان: مرجع سابق، ص266-267.

[464] النفيسي، عبد الله: المرجع السابق،ص84.