إليك لا يبله إلا النظر إلى وجهك،
وقراري لا يقر دون دنوي منك، ولهفتي لا يردها إلا روحك، وسقمي لا يشفيه إلا طبك،
وغمي لا يزيله إلا قربك، وجرحي لا يبرئه إلا صفحك، وصدأ قلبي[1356] لا يجلوه إلا عفوك،
ووسواس صدري لا يزيحه إلا منّك[1357].
الفصل الثالث: في معنى محبة الله سبحانه
لعبده
يرجع معناها إلى كشف الحجاب عن قلبه
حتى يراه بقلبه، وإلى تمكينه إياه من القرب إليه، وإلى إرادته ذلك به، وإلى تطهير
باطنه من حب غيره وتخليته عن عوائق تحول بينه وبين مولاه حتى لا يسمع إلا بالحق
ومن الحق ولا يبصره إلا به ولا ينطق إلا به، كما ورد في الحديث القدسي: لا يزال
العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي
يبصر به ولسانه الذي ينطق به[1358].
فيكون تقربه بالنوافل سبباً لصفاء
باطنه وارتفاع الحجاب عن قلبه وحصوله في درجة القرب من ربه، وكل ذلك من فضل الله
ولطفه به، قال تعالى: ((يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ))[1359] وقال: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا))[1360] وقال: ((إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ
التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ))[1361].