ويرشد إلى ذلك أيضاً قوله تعالى في وصف
من أثنى عليهم: ((وَيَدْعُونَنا رَهَبًا وَرَغَبًا))[1263] وقوله تعالى: ((يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
خَوْفًا وَطَمَعًا))[1264].
وغلبة الرجاء في غالب الناس مستندها الاغترار وقلة المعرفة،
والأصلح لهم قبل الإشراف على الموت غلبة الخوف، وعند الموت غلبة الرجاء وحسن الظن
كما ورد في الأخبار[1265]، والسر في ذلك أن الخوف جار مجرى السوط الباعث على
العمل، وقد انقضى وقت العمل، وهو لا يطيق هناك أسباب الخوف لأنها تقطع نياط[1266] قلبه وتعين على تعجيل موته. وروح الرجاء يقوي
قلبه ويحبب إليه ربه الذي إليه رجاؤه، ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره
لقاء الله كره الله لقاءه[1267].
واعلم أن الرجاء محمود إلى حد، فإن تجاوز إلى الأمن فهو
خسران، قال تعالى: ((وَلا يَأْمَنُ[1268]مَكْرَ
اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ))[1269]، وكذا الخوف محمود إلى حد فإن جاوز إلى القنوط
فهو ضلال ((وَمَن يَقْنَطُ مِن رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضّآلُّونَ))[1270]، أو إلى اليأس فهو كفر و((لايَيْأَسُ
مِن رَوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ))[1271].
[1263] سورة الأنبياء/90. ونصها: ((وَيَدْعُونَنا
رَغَباً وَرَهَباً)).