بل ذلك أيضاً لا يخرج عن مقام الرضا، فإن المقدم على الفصد[1014] والحجامة راض به وهو
متألم بسببه لا محالة. نعم من كمال الصبر كتمان المرض والفقر وسائر المصائب[1015]، فعن الباقر عليه
السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تعالى: bمن مرض فلم يشك إلى عواد أبدلته لحماً خيراً من لحمه ودماً خيراً من دمه،
فإن عافيته عافيته ولا ذنب له، وإن قبضته قبضته إلى رحمتيv[1016]. وفُسّر التبديل بأن
يبدله لحماً ودماً وبشرة لم يذنب فيها، وفسرت الشكاية بأن يقول: ابتليت بما لم
يبتل به أحد وأصابني ما لم يصب أحداً وقال عليه السلام[1017]: وليس الشكوى أن
يقول: سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو هذا[1018].
وسئل الباقر عليه السلام عن الصبر
الجميل فقال: ذاك صبر ليس فيه شكوى، وأما الشكاية إلى الله تعالى فلا بأس بها كما
قال يعقوب: ((إِنَّما
أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ))[1019].[1020]
[1014] الفصد قطع العروق. وافتصد
فلان: قطع عرقه ففصد.
كتاب العين، الفراهيدي: 7/ 102، مادة "فصد".
[1015] أنظر: الحقايق في محاسن
الأخلاق، الفيض الكاشاني: 142 ـ 148، المقالة الرابعة في مكارم الأخلاق وتحصيلها،
الباب الأول في فضيلة الصبر. إحياء علوم الدين، الغزالي: 4/ 54 ــ 66، كتاب الصبر
والشكر.
[1016] أنظر: الكافي، الكليني: 3/
115،كتاب الجنائز، باب آخر منه/ ح1.
[1018] مشكاة الأنوار،الطبرسي:279،
الباب السابع في ذكر المصائب والشدائد والبلايا وما وعد الله من الثواب وذكر
الموت،الفصل الأول فيما جاء في الصبر على المصائب/ذيل الحديث.