إعلم أن هذه الشهوة من أعظم المهلكات لابن آدم إن لم تضبط وتقهر وترد
إلى حد الاعتدال، ولها طرفان: إفراط بأن تقهر العقل فتصرف همة الرجل إلى التمتع
بالنساء والجواري فتحرمه عن سلوك طريق الآخرة وقد تقهر الدين وتجر إلى اقتحام
الفواحش، وقد تنتهي به إلى الفسق البهيمي الذي ينشأ عن استيلاء الشهوة فيسخر الوهم
العقل لخدمة الشهوة. وقد خلق العقل ليكون مطاعاً لا ليكون خادماً للشهوة محتالاً
لأجلها، وهو مرض قلب فارغ لا همة له، ولذا قيل: إن الشيطان قال[42] للمرأة: أنت نصف جندي وأنت سهمي الذي أرمي به فلا أخطئ، وأنت موضع
سري، وأنت رسولي في حاجتي[43].
فنصف جنده الشهوة ونصفه الغضب.
وأعظم الشهوة شهوة النساء،
ويجب الاحتراز منها في مبدأ الأمر بترك معاداة النظر والفكر، وإلا فإذا استحكم عسر
دفعه، ولهذا قيل: إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلثا عقله[44].