وزعم آخرون أن الدنيا المذمومة عبارة عن
المآكل اللذيذة والمطاعم الجيدة والثياب الفاخرة والديار العامرة والخدم والحشم
والأصحاب والأعوان مع أن بعض الأنبياء والأولياء كانوا كذلك ــ كيوسف وسليمان ــ.
والتحقيق أن من كان مشغولاً بالعلم والعبادة والحج والجهاد والصدقات
وأداء الزكوات وقضاء الحوائج وزيارة الإخوان وعيادة المرضى وتشييع الجنائز وحضور
الجمعة والجماعة والمواظبة على النوافل وسائر الطاعات قد يكون في بحبحة[579]) الدنيا، ويصدق عليه أنه طالب الدنيا وأنه ملعون وأعماله ملعونة مردودة
غير مقبولة، حيث لم يقصد بها وجه الله تعالى، ورب رجل كثير المال والخدم والحشم
حسن المطعم والمشرب جيد الزي والملبس ذي ديار وسيعة وعمارات عالية ونساء جميلة
ومراكب حسنة و((سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ(13) وَأَكْواابٌ مَوْضُوعَةٌ(14) وَنَماارِقُ[580]مَصْفُوفَةٌ(15) وَزَراابِيُّ[581] مَبْثُوثَةٌ[582]))[583])، وهو من أهل الآخرة وأعماله مقبولة
وسعيه مشكور، حيث قصد بجميع ذلك التوصل إلى رضاء الله تعالى.