وبهذا يمكننا أن نعد شعر الاستنهاض شعراً ملتزماً؛ لأنه يدافع عن قضية مهمة يلتزم بها الشاعر ولا وسيلة له للتسلية والمتعة أو الكسب المادي والدنيوي. وقد عرف بعض المستشرقين (الالتزام) بقوله «مما لا ريب فيه أن الأثر المكتوب واقعة اجتماعية ولا بد أن يكون الكاتب مقتنعاً به عميق اقتناع، حتى قبل أن يتناول القلم، إن عليه بالفعل، أن يشعر بمدى مسؤوليته، وهو مسؤول على كل شيء، عن الحروب الخاسرة أو الرابحة، عن التمرد والقمع. إنه متواطئ مع المضطهدين إذا لم يكن الحليف الطبيعي للمضطهدين»[16].

وبهذا فإن شاعر الاستنهاض يتأمل ما يحيط به من واقع، ويشخص ذلك الواقع ويقوم بتحليله، ومن ثم يعبر عما يجول في خاطره شعراً فهو يريد دائماً أن يحول الواقع إلى حلم والحلم إلى واقع. وهذا ما سنفصل الحديث عنه في هذه الدراسة.

[16] سارتر، (جان بول): الأدب الملتزم، ترجمة جورج طرابيشي، منشورات دار الأدب، بيروت، ط1، 1965م: 44.