ولذا كان من الطبيعي أن تتضمن قصائد استنهاض الإمام الحجّة / سمات كثيرة من الموروث الشعري «فنهضات الأمم عودة إلى ينابيع ثقافتها، ومكونات ذاتها»[194]. وفي الوقت نفسه كانت تمثل صورة لواقع اجتماعي وسياسي، كان بمنزلة الحاضنة الفكرية للشعراء.

وبما أن الأدب في كل عصر يعد خير وسيلة لانعكاس عقائد الأمة وعاداتها «فإن الأدب الشيعي يصدق عليه هذا القول أكثر من غيره؛ لما فيه من أثر العقيدة والمذهب»[195].

وليس من المستبعد أن يشعر القارئ لقصائد الاستنهاض بالإمام الحجّة / عند شعراء الحقبة ومنهم (محسن أبو الحب، وعبد الحسين الأعسم، وجواد بدقت، وحيدر الحلي... وغيرهم) وكأنه يقرأ قصائد الشريف المرتضى أو الكميت الأسدي أو دعبل الخزاعي، فربما تشابهت الأفكار والأخيلة والأساليب على الرغم من اختلاف الظروف وهذا ناتج عن «أن لشعراء الشيعة مدرسة خاصة بهم تميزت عن باقي المدارس الأخرى بالنفس العربي الخالص»[196]. فلا غرابة بعد ذلك من وجود «هذه التقاربات الموضوعية والفنية بين شعرائها»[197]. وبما أن العراق في القرن الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي «كان معزولاً عن الاتصالات الدائمة

[194] شراد، (د. شلتاغ عبود): تطور الشعر العربي الحديث، الاردن، ط1 (دار مجدلاوي 1998م): 19.

[195] ملكي، (رقية رستم بدر): رثاء اهل البيت في العصر الاموي، دار الهادي، بيروت، 2004م: 201.

[196] مراثي الإمام الحسين (رسالة ماجستير): 26.

[197] السامرائي، (د. ابراهيم): لغة الشعر بين جيلين، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط2، 1980م: 25.