ولما كانت عبادته لاتتم إلاّ بمعرفته تعالى فلابد من وجود إمام يهدي إلى الحق
ويكشف ما التبس على الناس معرفته وهو لطف من الله تعالى, ومقتضى رحمته وكرمه على
عباده أن يجعل لهم من يهديهم إليه وليوقفهم على معرفته ولا يكون ذلك إلا بالحجة،
والحجة كما في النبي فهي في الإمام كذلك.
ولا يمكن الوقوف على كتاب الله تعالى وحده دون المفسر للكتاب؛ لوجود
المجمل والمتشابه, ولا يقف على ذلك ما لم يكن قد مَنَّ الله عليه من علم خصه به؛ لمعرفة
ما تشابه من الكتاب لقوله تعالى:
ومعنى ذلك أن الواسطة بين الله تعالى وبين عباده هم الذين مَنَّ الله
عليهم بمعرفة ما خفي على العباد معرفته من أحكام الله وآياته وهو الحجة, فإذا تمت
الحجة تمت إرادته من عباده وهي معرفته المقتضية لعبادته تعالى.