فلا يجد من الناحية النفسية غير المضي بهذا الظلم، إلاّ في حالة واحدة
وهي تغليب العقل على النفس فيأخذ من هذه المشاهد التي يراها من أهل الخير
والصالحين فيشد النفس إلى اللحاق بهم بعد التوبة والمغفرة.
المسألة الثالثة: الجانب العسكري
في الجانب العسكري أوجد تهجد الإمام
الحسين (علیهالسلام) وأصحابه (علیهمالسلام) رعباً في نفوس الأعداء
بمستوى كبير جداً؛ فقد بدا هذا الوقوف وهذا التهجد وكأنه وقعة حرب شرسة تدور رحاها
على مقربة من الناظر. فهؤلاء الذين انتصبوا وقوفاً فبدوا للناظر رماحاً يزهر من
أسنّتها النور، هم في يوم غد تتصدع من قارعة سيوفهم القلوب المتحجرة. وهذا الدّوي
الآتي من هذه الشفاه التي رطبها الاستغفار، بدا للسامع قرقعة امتزج فيها صوت
الأتراس حينما تصطك فوق أكتاف الفرسان وهم يجولون بخيولهم فيعلو صوت السنابك وهي
تدق الصخور.
إنه مشهد تداخلت فيه الصور فاحتار
الرائي والسامع بأيهما يعقل؟!
ولذلك: «انحاز من معسكر عمر بن سعد
في هذه الليلة إلى معسكر الإمام الحسين (علیهالسلام) اثنان وثلاثون رجلاً
لما رأوا منهم هذا التهجد»[151].