النبي’ بذلك، فأنزل الله عز وجل
قوله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ...الخ}، يعني: ما ينبغي للنبي{وَالَّذِينَ
آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ},{وَلَوْ كَانُوا أُولِي
قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا} كانوا كافرين فـ{تَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} حين ماتوا على الكفر، نزلت في محمد’، وعلي بن أبي طالب علیه السلام . فقد استغفر إبراهيم لأبيه وكان كافراً،
فبين الله كيف كانت هذه الآية، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ
إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ}، وذلك أنه كان وعد أباه
أن يستغفر له، فلذلك استغفر له، {فَلَمَّا تَبَيَّنَ} لإبراهيم { أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ} حين مات كافراً، لم
يستغفر له، و تبرأ منه {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ} [129].
نعم ذكر السمعاني في تفسيره أن هناك
اختلافاً في شأن نزول هذه الآية, حيث قال: أن القوم اختلفوا في سبب نزول قوله
تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا
لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ
أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} على ثلاثة أقوال:
الأول: ما رواه سعيد بن المسيب،
عن أبيه: أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي وعنده أبو جهل وعبد الله بن
أبي أمية، فقال له النبي: أي عم قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله.
فقال له أبو جهل
وعبد الله بن [أبي] أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فما زالا يكلمانه حتى كان آخر
كلمة قالها: على ملة عبد المطلب، فقال النبي’: لأستغفرن
لك ما لم اُنْهَ عنه؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية: {مَا
كَانَ لِلنَّبِيِّ...الخ}.
والثاني: روى مسروق، عن عبد الله بن مسعود:
أن النبي خرج إلى المقابر فاتبعناه، فأتى قبراً وقعد عنده، وناجاه طويلاً، ثم بكى
وبكينا لبكائه، فقلنا له: يا رسول الله من صاحب هذا القبر؟ فقال: هذه أمي آمنة بنت
وهب، استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي، ثم استأذنته في أن أستغفر لها فلم يأذن لي،
قال: فأخذني عليها الشفقة ما يأخذ الولد للوالدة فبكيت، وأنزل الله تعالى هذه
الآية: {مَا كَانَ
[129] تفسير مقاتل بن سليمان, مقاتل بن سليمان, ج 2 ص74.