وأغفلت ذكر صلب الأب من حيث إنّه لا مندوحة لنا من القول بأن دور الأم في
بناء الطفل يفوق دور الأب بكثير. نعم لو اكتفينا بملاحظة دور الأب والأم في تلقيح
البويضة بواسطة الحيمن لإيجاد الخلية الأولى للطفل لكانا متساويين في ذلك الدور،
إلا أن الواقع من أن الأم تتحمل في دور الحمل مسؤولية كبيرة وبالخصوص فيما يتعلق
بأسلوب تغذي الأم ونوعه.
فإنّ دور الآباء في البناء الطبيعي للطفل ينتهي بعد انعقاد النطفة وحصول
التلقيح، لكن دور الأم يستمر طيلة أيام الحمل، فالطفل يتغذى من الأم، ويأخذ منها
جميع ما يحتاجه في بنائه. ولهذا فإن لسلامة الأم ومرضها، طهارتها ورذالتها، سكرها وجنونها...
أثراً مباشراً في الجنين. وأشار إلى ذلك كاريل: «إنّ الأب والأم يساهمان بقدرٍ متساوٍ
في تكوين نواة البويضة التي تولد كل خلية من خلايا الجسم الجديد ولكن الأم تهب
علاوة على نصف المادة النووية كل البروتويلازم المحيط بالنواة، وهكذا تلعب دوراً
أهم من دور الأب في تكوين الجنين».
وقال أيضا: «إنّ دور الرجل في التناسل قصير الأمد. أما دور المرأة فيطول
إلى تسعة أشهر, وفي خلال هذه الفترة يغذى الجنين بمواد كيمياوية ترشح من دم الأم
من خلال أغشية الخلاص» [34].
إنّ الطفل أشبه ما يكون بعضو من أعضاء الأم تماماً، عندما يكون في بطنها,
وجميع العوامل التي تؤثر في جسد الأم وروحها تؤثر في الطفل أيضا. وهذا بخلاف ما إذا
ابتلي أب – بعد انعقاد النطفة - بشرب الخمرة أو العوارض الأخرى
[34]
أنظر: الإنسان ذلك المجهول, الكسيس كارل, ص 79.