انفردت خديجة عن غيرها من زوجات
النبي’ في حبه لها, فقد نالت حب النبي’ ورضاه وشغفه بها وما كان يقدم عليها امرأة
وبقيت هي زوجته الوحيدة وشريكة حياته إلى أن وافاها الأجل, وهذا الحب وهذه العلاقة
لم تنقطع عند الموت وإنّما ظلت في ذاكرته وهواجسه’, وكان يؤنسه الحديث عنها حتى أنّهُ
كان يقصد صويحباتها يحدثنه عنها وعن ذكرياتها, وكان يكثر ذكرها، ويحسن الثناء
عليها، ويقول: ما نفعني مال كمالها، ورزقه الله الولد منها، ولم يتزوج في حياتها
إكراماً منه لها. ذات يوم اجتمعن عنده نساؤه, قالت أم سلمة: فلما ذكرنا خديجة بكى
رسول الله’ ثم قال: خديجة وأين مثل خديجة، صدقتني حين كذبني الناس وآزرتني على دين
الله وأعانتني عليه بمالها، إن الله عز وجل أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من
قصب [الزمرد] لا صخب فيه ولا نصب [357].
ولكثرة ما كان يذكرها قالت له عائشة يوماً: تكثر من ذكر خديجة وقد أبدلك الله من
هو خير منها؟ فقال’: كلا والله ما بدلت بها من هو خير منها، صدقتني إذ كذبني
الناس، وآوتني إذ طردني الناس، وأسعدتني بمالها، ورزقني الله الولد منها، ولم ارزق
من غيرها [358].
وعن عائشة قالت ما غرت على نساء النبي
صلى الله عليه وسلم إلا على خديجة وإني لم أدركها قالت وكان رسول الله صلى الله
عليه وسلم إذا ذبح الشاة فيقول أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة قالت فأغضبته يوماً
فقلت خديجة فقال
[357] أنظر: شرح
إحقاق الحق, السيد المرعشي, ج 4 ص480. وبحار الأنوار, العلامة المجلسي, ج 43 ص131.