responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان نویسنده : قاسم، عيسى احمد    جلد : 1  صفحه : 98

حضارة الطين تجعل لبّ الإنسان قبضةَ التراب، وعناصرَ المادة، والروحَ التي بها نموُّ وحركةُ هذه القبضة الترابية، وما تجده به هذه الروح من لذائذ ومتع تتصل بهذا الجانب الوضيع من الإنسان. هذه الروح معترفٌ بها في حضارة الطين كما تعترف بالبدن وحاجاته، وهي حضارةٌ تلغي النظر تماما إلى نفخة الروح العليا، وسرّ التطلّعات القدسيّة في نفس الإنسان، ومنبع القيم الخلقية في وجوده، والتي تحاول النفس أن تتشبّه بالتزين بها بأسماء الله الحسنى.

حضارةٌ كبيرة عملاقةٌ مادية على تقزّم شديد، وخواءٍ كبير من ناحية روحية. الحضارة المادية أصغر ما فيها الإنسان الآلة، الإنسان اللذة العابرة، والحيوان.

الإنسان في الحضارة المادية صغير، ليس هو أكثر من آلة، أكثر من لذّة عابرة، من حيوانٍ تكاد تستوي حاجاته وهمومه وتطلعاته مع أدنى حيوان وحشرةٍ ودودة في الأرض.

ب- حضارة الإنسان:-

هذه الحضارة تنظر إلى الإنسان أكثر من كونه شيئاً من الطين، وأكثر من كونه روحاً تعطي التراب نموّه وحركته. إنها ذات نظرةٍ تضيف إلى ذلك روحاً كثيرة الشّوق إلى الله، شديدةَ التطلع إلى التشبّه بأسمائه الحسنى، لا تستريح إلا في ظل معرفته، ولا تأنس إلا بذكره، ولا تقتنع من ذاتها إلا بقربه، ولا تستغني عنه بكل ما سواه، ولا تفتقر إلى ما دونه ما وجَدَته وعرفته وشعرت برضاه.

هذه الحضارة تتحرك بالمادة على طريق نموّها وتقدّمها، وتثري الحياة بالحركة والنشاط، وتقيم على الأرض واقعاً عملاقاً أكبر ممَّا ما تصنعه الحضارة المادية من واقع كبير على الأرض. لكنّ الواقع الأكثر تعملقاً، والأكثر ترسّخاً، والأكثر بسوقاً والَّذي تصنعه حضارة الإنسان- المقابلة

نام کتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان نویسنده : قاسم، عيسى احمد    جلد : 1  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست