وما أكثر ما ننسى هذا العهد في علاقتنا مع أنفسنا، مع ربنا، مع أسرنا، مع مجتمعنا، مع كلّ محيط الحياة، مع النملة، مع النبتة، مع أي شي‌ء آخر. كلّ مخالفة، وكل مَيلٍ عن كتاب الله عز وجل وتعاليمه يعني نسياناً عملياً لهذا العهد، وتخلّيا واقعيا عن هذا الميثاق.

«سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى‌[1]» لا النسيان العلمي ولا النسيان العملي. رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضمن له ربه سبحانه و تعالي أن لا ينسى القرآن على مستوى العلم، وأن لا ينسى القرآن على مستوى الذكر في مقام الشعور، وفي مقام العمل، في المواقف السهلة، وفي المواقف الصعبة، حين تكون الدنيا معه، وحين تكون الدنيا ضدّه.

«قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَآياتُنا فَنَسِيتَها [2]» فهناك مواثيق وعهود تُنسى، وهناك كتب تنسى، كتب الله تنسى، ومواثيق الله وعهوده تنسى، وكل هذا النسيان يؤثر كارثة في حياة الإنسان، والكارثة الأكبر أن يخسر آخرته.

ج-- اليوم الآخر:

نسيان يتعلّق باليوم الآخر:

«اقْتَرَبَ لِلنَّاسِحِسابُهُمْ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ» «» ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَ هُمْ يَلْعَبُونَ‌ [3]» متى يلهو القلب؟ القلب الذاكر للآخرة، نعيمِها، هولِها لا ينسى، لا يلهو، لا يلعب، إنما نلعب، إنما نلهو، إنما نضحك، إنما نتمادى في الغي ونحن على نسيانٍ من الآخرة، أما الذاكرون للآخرة، الذاكرون للرحلة الطويلة الشاقة، الذاكرون لرحلةِ الوحدة والوحشة، الذاكرون ليوم المنقلب وهوله العظيم، لا يلهون، لا يلعبون، لا يعبثون. حين يلهينا التكاثر مثلًا:

[1] سورة الأعلى: 6.

[2] سورة طه: 126.

[3] سورة الأنبياء: 1- 2.