responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان نویسنده : قاسم، عيسى احمد    جلد : 1  صفحه : 100

حول الإنسان:

الحديث هنا عن الإنسان باني الحضارة، ومشيد عمارتها، والذي لابد أن يكون هو هدفها، وأن يكون محل عنايتها، وأن يكون مشروعها الكبير، هذا الإنسان ما حقيقته؟

«إِذْ قالَ رَبُّكَلِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ» «فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ‌ [1]» الطين بالحياة يَغنَى بالحركة والنموّ، ويَزخَرُ بدوافع ورغائب وحاجات ومشاعر ومطامح من طبيعته المادية، فالإنسان في جزء من واقعه هو كلّ هذا الاتجاه المادي الذي يفرض نفسه عليه بدرجة وأخرى، ويحكم وجوده، ولا يسع أحداً التنكّر أو التحرر الكامل منه.

لكن الإنسان في جانب آخر منه هو نفخة الرّوح بما لها من إضافة تشريفية لله سبحانه تدلّ على أن هذه الرّوح لها تميّزها الخاص عن روحٍ يجدها الحيوان، وتعطيه الحركة والنمو، وتثير فيه دوافع المادة وحاجاتها ومقتضياتها، وهي روحٌ من عند الله عز وجل كذلك، فروحٌ تكون بها الحركة والنمو من عند الله، وروحٌ يكون به الانشداد الكبير الواعي العابد لله هي من فيضه العظيم كذلك.

الروح الأولى وهي من فضل الله تفوقها هبته الروحية للإنسان بما يتجاوز به حدود المادة، وقضاياه، ويربطه بالغيب، ويدفعه إلى التطلّع إلى اكتشاف المجهول وعشق الكمال، وسموّ الذات، والنظرة في الماضي البعيد، والمستقبل الممتد، ويثير فيه التطلعات الكبيرة. وهذا الواقع الجديد على المادة وما تعنيه قاضٍ بأن تتجاوز حضارة الإنسان مستوى الطين وهمومه وقضاياه، وأن تُحدِث نقلةً هائلةً في حياته عن مستوى حياةٍ للحيوان ليس من حيث ما يتم على يدي الإنسان من عمارة الأرض فحسب وإنما- وهو الأهم-


[1] سورة ص: 71- 72.

نام کتاب : الإنسان بين حضارة الذكر و حضارة النسيان نویسنده : قاسم، عيسى احمد    جلد : 1  صفحه : 100
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست