والآيات تفيد أن لله سنناً في
الأرض، والناس، وقوانينَ ساريةً لا تتخلّف، ولا تنقلب، ولا تغيير فيها.
وقد يُقال بأنّ المعجز يمثّل
تغييراً في السنّة الإلهية، وخروجاً على مألوفها، إذ في المعجز ترتيب لمسبّب على
غير سببه المعتاد، ولمعلول على غير علّته المرتقبة.
فحدوث المعجز، فيه نقض للسنّة
الإلهية التي ينفي القرآن الكريم صراحةً نقضها وتغييرها.
وللإجابة على هذه الشبهة، علينا أن
نعرف السّنة التي ينفي القرآن تحوّلها ونقضها، وهذه السّنة ليست هي أنّ قدرة الله
عزوجل قد انحصرت في أن لا تُنتج أيَّ معلول إلا من علّة واحدة، لا يمكن أن تقوم
مقامها علّةٌ أخرى من صنعه، وإنما هي [4] أصل
مبدأِ السببيَّة الذي يرتبط به وجود كلّ الممكنات، وأن لا شيء يوجد منها من غير
سبب يكون به وجوده في الابتداء والاستمرار.
وأمَّا الآيات الكريمة المتقدّمة،
فكلّها تتحدّث عن أنّ سنّة الله عزوجل قاضية بأنّه إذا حصل السّبب حصل في طوله
رتبةً المسبَّب بإفاضةٍ منه سبحانه، ولا مفاد فيها على الإطلاق بأنّه لا يحصل شيء
في الوجود إلّا من طريق علّته المعتادة، وأن الباب مسدود أمام القدرة الإلهية
المتعالية في اختيار الأسباب، وتنويعها.
وكلُّ المعجزات الإلهية الجارية
على يد أنبيائه ورسله لا تنتجها الأسباب