فهؤلاء المجتهدون
في الصدر الأوّل كانوا يتعاملون مع الأحكام وفق ما عرفوه من الشرائع السابقة ، وكانوا يتصورون بأنّ الأمر بيدهم يفعلون ما يشاؤون، فكانوا هم الذين
اقترحوا على رسول الله البوق ، الناقوس «فنقسوا أو كادوا أن ينقسوا» حتّى رأى عبدالله بن زيد أو غيره في
المنام
إذاً فكرة كون تشريع
الأذان كان بـ « رؤيا » جاءت من قبل الصحابة المجتهدين ،
ثمّ تطوّرت حتّى وصل بها الأمر إلى ما وصل لاحقاً، وهذا ما يجب الوقوف عليه في
مطاوي بحوثنا
إذ جاء عن كثير بن
مرة الحضرمي أنّ رسول الله
0 قال :
أوّل من أذّن في السـماء جبرئـيل
1 ، قال :
فـسمعه عمر وبـلال ، فأقـبل عمر فأخـبر النـبيّ بما سمع، ثمّ أقبل بلال فأخبر النبيّ بما
سـمع ، فقال له رسـول الله : سـبقك عمـر يا بـلال
أو قول ابن عمر : إنّ بلالاً كان يقول أوّل ما أذّن: « أشهد أن لا إله إلّا الله ، حيّ على الصلاة » ، فقال له عمر : قل في أثرها « أشهد أنّ محمّداً رسول الله »
نعم إنّهم رفعوا
بضبع الصحابة الحالمين الرائين للأذان إلى مرتبة النبوة والمعاينة الحقيقيّة حتّى
قال عبدالله : « يا رسول
الله ، إنّي لَبينَ يقظان ونائم » ، وفي آخر : « لقلت : إني كنت يقظاناً غير نائم » ، وبعكس ذلك نراهم يحطّون من منزلة النبيّ 0 عن المعاينة الحقيقية في المعراج ـ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىـ إلى مرتبة التشكيك ، مستخدمين العبارة نفسها « بين النائم واليقظان » ، ورووا ذلك في الصحيح !!
ففي صحيح مسلم
بسنده عن قتادة ، عن أنس بن مالك ـ لعله قال: عن مالك بن صعصعة ( رجل من قومه ) ، قال ـ قال نبي الله
0 : بينا أنا عند البيت بين النائم
واليقظان