نعم ، إنّ نهج الاجتهاد كان له دعاة وأتباع استمدّوا جذورهم من مصدر غير
التعبد والتسليم ، وهو أقرب إلى ما عرفوه في الجاهلية ممّا عرفوه في الإسلام وكان
لهؤلاء وجود ملحوظ أيضاً في صدر الإسلام ، فقد اقترح بعض المشركين
على رسول الله أن يبدل بعض الأحكام الشرعية وهو 0 يقول : مَا يَكُونُ لِي أَنْ
أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ[184] .
وقد أثبتنا سابقاً
أنّ عمر بن الخطّاب كان من المجتهدين الأوائل الذين تعرّفوا المصلحة وهم بحضرة
الرسول المصطفى ، فأنكر عليه أخذَه الفداءَ من أسارى بدر[185] ، واعترض عليه
0 في صلاته على المنافق[186] ، وواجه النبيَّ بلسان حادّ في صلح الحديبية[187] ، وطالب النبيَّ أن يزداد علماً إلى علمه وأن يستفيد من مكتوبات اليهود
في الشر يعة[188] وقال لرسول الله في مرض موته : ( إنه لَيَهجُر ) أو غَلَبه الوجع[189] !