إنّ هذا لَيقترب
بنا من فهم المعنى العميق لـ «حيّ
على خير العمل»
الذي نصّ عليه أهل البيت: الذين هم أعلم الناس بدين الله بما فازوا به من تطهير
الله تعالى إيّاهم تطهيراً شاملاً ، في المعرفة والمعتقد ، وفي المواقف والعمل . وهذا المعنى الذي يتضمنه «حيّ على خير العمل» هو الولاية أو برّ فاطمة وولدها أو ما شابه ذلك ، لما اتّضح لك في الصفحات السابقة من أنّ الأذان هو بيان لاُصول
العقيدة ، ولمّا كانت الولاية امتداداً للرسالة فلا غرابة في أن تكون أجر
الرسالة ، خصوصاً مع ما نعرف من تأكيدات رسول الله 0 على أهل بيته وقرباه المنتجبين .
لقد أكّد رسول الله
على العترة بدءًا من وَأَنْذِرْ
عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ[786] .
ومروراً بحجة
الوداع التي خطب فيها رسول الله خمس مرات ،
وختماً بالكتاب الذي منعوه من كتابته في آخر حياته الشريفة .
قال الحلبي في
سيرته : «خطب
النبيّ خمس خطب : الأولى يوم السابع من ذي الحجة بمكة ،
والثانية يوم عرفة ، والثالثة يوم النحر ، والرابعة يوم القرّ بمنى ، والخامسة يوم النَّفر
الأوّل بمنى»[787] .
وقد روى مسلم وأحمد وغيرهما ـ خطبته 0 عند مرجعه من حجة الوداع إلى المدينة ـ عن زيد بن أرقم ، قال : قام رسول الله 0 يوماً خطيباً بماء يُدعى خُمّاً بين مكّة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكّر ، ثمّ قال : ألا أيّها الناس ، إنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي
فأجيب ،
وأنا تارك فيكم ثقلين :
أوّلهما كتاب الله منه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال : وأهل بيتي ، أذكّركم في أهل بيتي ، أذكّركم في أهل بيتي ، أذكّركم في أهل بيتي .
[786] الشعراء : 214 ،
وانظر : في تفسيرها كتب التفاسير والتواريخ اخبار أول البعثة .