نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 641
وبتعبـير آخر نقول : نعم ، يمكن
ضياعُ بعض الأحكام ، لكنْ الغير مهمّة التي هي محلّ كلامنا والتي يمكن إجراء
البراءة الشرعية فيها ، إذ لو كانت مهمّةً لَذَكَرَها أئمّتـنا أمامَ عشرات الرواة
الفقهاء لتصل إلينا ، فعدمُ وصولها إلينا أمارةٌ قطعيةٌ لجواز إجراء البراءة فيها
، وهذا هو السرّ في قول الله تعالى [قُل لا أَجِدُ] وذلك بدليل أنه بَعد جُهْدِ
أئمّتـنا مئاتِ السنين في إيصال ما استطاعوا من أحكام شرعية إلى البعيدين عنهم
مكاناً وزماناً ، ورغم أمْرِهِم ثقاتِهم بكتابة أحاديثهم ، وقولهم "إنكم ستحتاجون
إليها" ، وبَعد جُهْدِ آلافِ الرواة ، وبَعد جمْعِ عشرات آلاف الأحاديث .. إن
لم نجد ـ فيما وصلنا ـ وجوبَ القنوت في رواية صحيحة واحدة ، فهذا أمارة واضحة في
عدم وجوبه شرعاً ، ولا نصدّق قولَهم : "لعلّها تَلِفَتْ" !! ولا نصدّق
قولَهم : "ولعلّ روايةَ وجوب السورة بعد الفاتحة قد وردت في رواية صحيحة ،
لكنها ضاعت !! وجلسة الإستراحة !! " ، أليس هذا أعجبَ مِن الأعاجيب السبعة ؟!
فاعلم أنها لو كانت واجبة لوردتـنا في أكثر من رواية أو روايتين ، لا فقط في رواية
واحدة ، والمعصومون i
قادرون على ذلك بأسهل الطرق وأيسرها .. عدمُ إيجاد الفقهاء لها رغم بحثهم أمارةُ
عدمِ وجوبها أو عدمِ أهميّتها وجوازِ جريان البراءة فيها ، وذلك بدليل إمكان أن
نقول في الآخرة للإمام الصادق (ع) "نحن أيضاً لم نجد وجوبَ هذا
وتحريمَ ذاك" نقول قولَنا هذا اُسوةً بقول رسول الله (ص)
فأجرينا البراءةَ .
* * *
* *
وقد تلخّص من كلّ هذا الكلامِ
في الآيات الأربعة أنّها تدلّ بأجمعها على البراءة ،
أمّا الآيةُ الاُولى وهي قوله تعالى [لا يُكَلِّفُ
اللهُ نفساً إلاّ ما آتاها [645]فقد عرفتَ أنها تدلّ
على البراءة في الشبهات الحكميّة ـ الوجوبـية والتحريمية ـ والموضوعية .
وكذلك الآية الثانية وهي قوله [وَمَا كُنَّا مُعَذِّبين حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً] [646] فقد قلنا أيضاً إنّها
تـفيد البراءةَ ، لكنْ في خصوص الشبهات الحكمية ـ التحريمية والوجوبـية ـ لا
الشبهات الموضوعية المصداقية الخارجية لأنها ليست من وظيفة الرسول .
وكذلك الآيةُ الثالثة وهي قوله جلّ وعلا [وَمَا كَانَ
اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُـبَـيِّنَ لَهُم مَّا
يَتَّـقُونَ][647] فقد قلنا إنها تـفيد
البراءة والحِلّيّة في الشبهات الحكمية ـ الوجوبـية والتحريمية ـ والموضوعية .