نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 512
وقوله [وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن
رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن
تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ][501]، وإنما طَلَب الباري شاهدين عادلين لأنّ قضيّة المال في معرض الإدّعاءات والنكران
عادةً .
وقال سبحانه وتعالى في الطلاق [وَأَشْهِدُوا
ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ][502] وهي القاعدة العامّة في
كلّ موارد الدعاوى وثبوت الهلال وغيرها ، إلاّ ما خرج بالدليل ، كما قلنا في الزنا
واللواط والسحاق .
* ولاحِظْ الإكـتـفاءَ بعادل
واحد في الشبهات الموضوعية :
1 ـ قال الله تعالى [يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبـينُوا أَن تُصِيـبُوا
قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ][503]، والقدرُ المتيقّن من
النبأ في الآية هو الأنباء الموضوعية الخارجية ، وهي ـ كما قلنا فيما سبق ـ واضحةٌ
في إفادة الحجيّة لخبر العادل ، ذلك لأنّ المولَى تعالى يريد أن يقول "إن
جاءكم فاسق بنبأ فتبـينوا احتياطاً وتأكّدوا وتـثبّتوا ، لعلّه كاذب ، فإنّ اتّباع
خبرِه جهالةٌ بنظري وبنظر العقلاء ، ولئلاّ تـندموا على اتّباع خبره ، أمّا إن كان
الجائي بالنبأ عادلاً مستقيماً فلا يجب الإحتياط والتـثبّت والتأكّد ، ذلك لأنه بـيان
وعلم عندي ـ أي عند الباري جلّ وعلا ـ وليس هو جهالةً عندي ، فإنْ خالف الواقعَ
فلن تـندموا ، لأنكم اتّبعتم طريقاً عقلائياً ، حتى ولو خسرتم أحياناً ، فإنه لا
يقال لمن اتّبع طريقاً عقلائياً وخسر بأنه ندم على مشورة الصادق الخبـير وأنه ندم
على اتّباع هذا الطريق العقلائي . وممّا يَدِلّ على صحّة هذا المفهوم تقدُّمُ
[فاسق] على [بنبأ] وظهورُ أنّ النظر هنا هو إلى كون الجائي بالخبر فاسقاً ، أي
بنحو الشرطية والتوقّف وانحصار وجوب التبين بكون الجائي به فاسقاً .
فإن قلتَ : بل إنّ قول الباري
تعالى [إنْ جاءَكمْ فاسِقٌ بنَبَأ فتبـينُوا] هو بمثابة قولك "إن جاءكم فاسقٌ
فاحتَطْ" و "إن جاءك زيدٌ فأكرمْه" ، فهي جملة وصْفيّة أو لَقَبـية
لا غير ، فكما أنّ قولك السالفَ الذكر ليس ناظراً إلى عَمْرو أصلاً فكذا آيةُ
النبأ ليست ناظرةً إلى العادل أصلاً ، فلعلّ في العادل تفصيلاً بين ما لو أوجب
خبرُه الظنَّ بالصدق ـ فيكون حجّة ـ وبين ما لو شُكّ في صحّة خبره أو استُبعِد ـ
فلا يكون حجّة ـ .
قلتُ : لنفرض أنه ليس للآية
مفهوم ، فسوف تكون النـتيجةُ هكذا "إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبـينوا ، أمّا إن لم
يأتكم فاسق بنبأ وإنما جاءكم به عادل فتفصيل : فإمّا أن يُوجِبَ قولُ العادلِ
العلمَ أو الإطمئـنانَ فهو حجّة وإمّا أن لا يوجِب العلمَ فلا يكون حجّة" ، وهذا غير محتمَل لأنّ هذا المفهومَ لا
يعطي فرقاً