نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 300
واَمّا في الصورة الثانية
، فالصحيح عدم منجزية العلم الإجمالي لانثلام الركن الثالث ـ وهو جريان الأصل
المؤمّن في الطرف المقدور بلا معارض ـ لأنّ التكليف على تقدير انطباقه على مورد
الإضطرار قد انـتهى أمدُه ولا أثر لجريان البراءة عنه فعلاً ، فلم يحصل علم إجمالي
بالتكليف من أول الأمر ، فتجري البراءة في الطرف الآخر بلا معارض[255] .
[255] وهذا
الكلام أيضاً غير صحيح ، وذلك لما قلناه في الحاشية السابقة من أنّه حتى ولو حصل
الإضطرار أوّلاً ـ أي قبل العلم الإجمالي ـ فقد حصل العلم الإجمالي الآن وجداناً بوقوع قطرة دم إمّا
على الثوب وإمّا في الماء ، والفرض أنه مضطرّ إلى الماء فقط ، فيجب أن يعمل
العِلْمُ الإجمالي عمَلَهُ العقلي في الطرف الآخر ، ولو على مستوى المفسدة ، وهي
تقتضي لزوم الإجتـناب عقلاً عن الثوب ، لأنّ الضرورات تقدّر بقدرها . بل ـ كما قلنا في الحواشي
السابقة ـ
إنّ المتشرّعة يستهجنون إنْ فهِمْنا مِن قولِه (ع)
" كلّ شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر" أو " كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو
لك حلال .." جوازَ الصلاة بهذا الثوب ، ويدّعون انصرافَ هذه الألسن عن مثل
حالات العلم الإجمالي . ولك أن تقول : إنّ المعارض هو وجود المقتضي لجريان الاُصول
الترخيصية في الماء ، فيتعارضان في مرحلة المقتضي . وبتعبـيرٍ آخر : لا دخل
للإضطرار في العلم الإجمالي ـ الحاصل بعد الإضطرار ـ فالإضطرار شيءٌ والعلمُ الإجمالي
شيءٌ آخر . والإضطرار يرفع التـنجيز فقط ، بمقدار الإضطرار ، ولا يرفع المفسدة ولا
الفعلية أصلاً ، لأنّ الفعلية تكوينية ، والعلم الإجمالي المتأخّر ـ بوقوع قطرة دم إمّا على
الثوب وإمّا في الماء ـ ينجّز التكليفَ وجداناً وعقلاً . أو قُلْ : هل في هكذا
حالة يسقط التكليف الفعلي بالنسبة إلى الثوب ؟ قطعاً لا ، وذلك لعدم وجود سبب للسقوط
لا عقلاً ولا شرعاً .
وكلامُنا جارٍ هذا أشبه شيء بما
ذكرناه فيما لو خرج الطرف الآخر عن محلّ الإبتلاء بحيث يعجز عن أن ينالَه بعدُ ،
كما في مثال إناء الصيني السابق ، فلا سبب لجواز شرب الإناء الموجود مع زيد فعلاً
، بذريعة أنّ الصيني ذهب بالإناء الآخر إلى الصين ، ولن يَجِدَهُ بعدُ ، ولذلك لن
تجد عالماً ولا عاميّاً مستعدّاً أن يشرب من إناء زيد تمسّكاً بقولِه (ع) " كلّ
شيء نظيف حتى تعلم أنه قذر" أو " كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال
.." . وليس ذلك إلاّ لأنّ المعارِضَ لجريان الاُصول الترخيصية في إناء زيد
معارَضٌ بجريانها في إناء الصيني وجداناً ، حتى وإن كان إناء الصيني خارجاً عن
محلّ ابتلاء زيد ، فلا زيد يمكن له أن يشرب من إنائه ، ولا الصيني المسلم له أن
يشرب من إنائه ، وذلك لعلمهما بوقوع نقطة دم إمّا في إناء زيد وإمّا في إناء الصيني
، ولا وجهَ أصلاً ـ لا عقلاً ولا شرعاً ـ لأنْ يشرب كلّ واحد منهما إناء نفسه ، وما ذكرناه أمْرٌ
وِجداني يعرفه كلّ عقلاء العالم .
نام کتاب : دُرُوسٌ في عِلْمِ الأُصُول (الحَلَقَةُ الرّابِعَة) نویسنده : آل فقيه العاملي، ناجي طالب جلد : 1 صفحه : 300