الفصل السادس في حجية الظن المطلققد
ذكرنا سابقا ان الظن في نفسه ليس بحجة فلا يمكن الاعتماد عليه في مقام
الامتثال والخروج عن عهدة التكاليف ما لم يقم دليل على حجيته وقد عرفت قيام
الدليل من الكتاب والسنة والسيرة والعقل على حجية بعض افراده فيقع الكلام
في حجيته مطلقا وقد استدل على حجيته كذلك بوجوه كلها عقلية.
الوجه الاول- ان الظن بالحكم يلازم الظن بالضرر على مخالفته ودفع الضرر
المظنون لازم عقلا فيجب متابعة الظن وهذا الوجه كما ترى يتألف من الصغرى
والكبرى، وتوضيح الجواب عنه يتوقف على تقديم امور. الامر الاول ان من احكام العقل العملي حكمه بقبح
العقاب بلا بيان فانه مستقل بقبح عقاب المولى عبده اذا كان بلا بيان، كما
ان من احكامه حكمه بوجوب دفع الضرر المظنون فانه مستقل بوجوب دفع ما لا
يؤمن معه من الضرر.
اما حكمه بقبح العقاب بلا بيان فمورده عدم وصول التكليف الى العبد بان لا
يعثر العبد عليه بعد الفحص عن مظان وجوده فان العبد اذا فحص عن تكليف
المولى في مظان وجوده ولم يعثر عليه يستقل عقله حينئذ بقبح عقابه على
مخالفته لو كان ثابتا واقعا لان مجرد ثبوت التكليف واقعا لا يصحح العقاب
على المخالفة ما لم يصل الى العبد ومن هنا يحكم العقل بالبراءة وعدم وجوب
الاحتياط في الشبهات البدوية بعد الفحص عن التكليف في مظان وجوده لاستقلاله
بعدم صحة العقاب حينئذ على مخالفته لو كان ثابتا واقعا وكيف كان فحكم
العقل بقبح العقاب بلا بيان، وان