قال:
زرع يزرعه صاحبه وأصلحه وأدّى حقّه يوم حصاده؛ قال: فأىّ الأعمال بعد
الزرع؟ قال: رجل في غنم له قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي
الزكاة؛ قال: فأىّ المال بعد الغنم خير؟
قال: البقر يغدو بخير ويروح بخير؛ قال: فأىّ المال بعد البقر خير؟ قال:
الراسيات في الوحل، المطعمات في المحلّ، نعم المال النخل، من باعها فإنّما
ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق اشتدّت به الريح في يوم عاصف، إلّا أن يخلف
مكانها. قيل: يا رسول اللّه صلى الله عليه وآله فأىّ المال بعد النخل خير؟
فسكت، فقام إليه رجل فقال له: فأين الإبل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء
والعناء وبعد الدار تغدو مدبرة وتروح مدبرة، لا يأتي خيرها إلّا من جانبها
الأشئم، أمّا إنّها لا تعدم الأشقياء الفجرة» وعنه عليه السلام: «الكيمياء
الأكبر الزراعة» وعنه عليه السلام: «إنّ اللّه جعل أرزاق أنبيائه في الزرع
والضرع كيلا يكرهوا شيئاً من قطر السماء» وعنه عليه السلام: «أنّه سأله رجل
فقال له: جعلت فداك أسمع قوماً يقولون: إنّ المزارعة مكروهة، فقال: ازرعوا
فلا واللّه ما عمل الناس عملًا أحلّ ولا أطيب منه»، ويستفاد من هذا الخبر
ما ذكرنا[1] من أنّ الزراعة أعمّ
من المباشرة والتسبيب. وأمّا ما رواه الصدوق مرفوعاً عن النبيّ صلى الله
عليه وآله «أنّه نهى عن المخابرة، قال: وهي المزارعة بالنصف أو الثلث أو
الربع»، فلا بدّ من حمله على بعض المحامل، لعدم مقاومته لما ذكر[2]؛ وفي مجمع البحرين: وما روي من أنّه صلى الله عليه وآله نهى عن المخابرة، كان ذلك حين تنازعوا فنهاهم عنها. ويشترط فيها امور:
أحدها: الإيجاب والقبول، ويكفي فيهما كلّ لفظ دالّ؛ سواء كان حقيقة [1] لا يستفاد ذلك، لأنّ المذكور في الخبر: «أسمع قوماً يقولون: إنّ الزراعة مكروهة». [2]الرواية ضعيفة، وتقدّم أنّه ليس فيما ذكر دلالة على الاستحباب.