بشرع قاطع للعذر؛ لئلّا تكون للناس عليه حجّة؟! و ما ذكرناه و إن كان من واضحات العقل؛ فإنّ لزوم الحكومة لبسط العدالة، و التعليم و التربية، و حفظ النظم، و رفع الظلم، و سدّ الثغور، و المنع عن تجاوز الأجانب من أوضح أحكام العقول، من غير فرق بين عصر و عصر، أو مصر و مصر، و مع ذلك فقد دلّ عليه الدليل الشرعيّ أيضاً، ففي «الوافي» عقد باباً «في أنّه ليس شيء ممّا يحتاج إليه الناس إلّا و قد جاء فيه كتاب أو سنّة» و فيه روايات:
منها:
رواية مرازم، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) قال إنّ اللَّه تبارك و تعالى أنزل في القرآن تبيان كلّ شيء، حتّى و اللَّه ما ترك اللَّه شيئاً يحتاج إليه العباد، حتّى لا يستطيع عبد يقول: لو كان هذا أُنزل في القرآن إلّا و قد أنزل اللَّه تعالى فيه [1].
و قريب منها غيرها [2]، و نظيرها- تقريباً في خطبة حجّة الوداع [3].
و
في صحيحة محمّد بن مسلم، عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) في حديث إنّ أمير المؤمنين صلوات اللَّه عليه قال: الحمد للَّه الذي لم يخرجني من الدنيا حتّى بيّنت للأُمّة جميع ما تحتاج إليه [4].
و أيّة حاجة كالحاجة إلى تعيين من يدبّر أمر الأُمّة، و يحفظ نظام بلاد المسلمين طيلة الزمان، و مدى الدهر في عصر الغيبة، مع بقاء أحكام الإسلام التي لا يمكن بسطها إلّا بيد والي المسلمين، و سائس الأُمّة و العباد.