و عن ابن الجنيد و فقه الرضا أنّ جلد الميتة يطهر بالدباغ [1]
، فلا محالة يجوز الانتفاع به حينئذ عندهما، بل هو محتمل الصدوق، بل الصدوقين، لموافقة فتواهما له نوعا [2]، و لنقل الأوّل رواية عن الصادق- عليه السّلام- تدلّ على جواز جعل اللبن و الماء و نحوهما في جلد الميتة [3]، مع قوله قبيل ذلك في حق كتابه: «لم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به، و أحكم بصحّته، و اعتقد فيه أنّه حجّة بيني و بين ربّي» [4] انتهى.
و هو و إن لم يف بهذا العهد في كتابه كما يظهر للمراجع به، لكن رجوعه عنه في أوّل الكتاب في غاية البعد.
و قال في المقنع: «لا بأس أن تتوضّأ من الماء إذا كان في زقّ من جلدة ميتة، و لا بأس بأن تشربه» [5].
و تجويز ابن الجنيد و من بعده، و إن كان مبنيّا على طهارة جلدها بالدباغ، أو عدم تنجّس المائع به- على احتمال في كلام الصدوق- لكن مع ذلك تكون استفادة الإجماع من كلام القوم مشكلا، فإنّ الإجماع التقديري ليس بشيء هذا مع عدم وضوح مسلك ابن إدريس في باب الإجماع [6].
فالأشبه الجواز، و الأحوط الترك، هذا حال جواز الانتفاع.
الأقوى جواز البيع فيما جاز الانتفاع
و هل يجوز البيع و سائر الانتقالات في ما جاز الانتفاع به؟ الأقوى هو الجواز،
[1] المختلف 1- 64، الفصل الثالث في الأواني و الجلود من باب النجاسات، و فقه الرضا: 303.
[2] الجوامع الفقهيّة: 3، كتاب المقنع. و راجع أيضا فقه الرضا المتقدّم ذكره.