المقام الثاني: فيما لا يكون من قبيل الاستثناء بل كان من باب التزاحم أو.
و من الثاني- أي ما لا يكون من قبيل الاستثناء و كان من باب التزاحم أو يحتمل فيه ذلك- موارد كثيرة ذكرها القوم.
و جملة القول فيها أنّه لا بدّ في الحكم بالجواز في كلّ مورد من إحراز كونه من باب التزاحم بإحراز المقتضى و الملاك في الطرفين، و إحراز أهميّة مقتضى المقابل لعنوان الغيبة عن مقتضاها أو إحراز التساوي بينهما أو احتمال الأهميّة أو التساوي في مقتضى المقابل لها، و عدم احتمال الأهميّة في الطرف أي في مقتضى الغيبة مع فقد احتمالها في مقابلها.
فحينئذ يحكم العقل بجواز ارتكابها، لا لما أفاده الشيخ الأنصاري و من تبعه من تبعيّة الحكم لأقوى المصلحتين و عدم حرمة الغيبة شرعا في مورد أهميّة الغير [1]، فإنّه خلاف التحقيق في باب التزاحم في مقام الامتثال.
و التحقيق أنّ الحكمين المتزاحمين في مقامه بقيا على فعليّتهما مطلقا، إلّا أنّ العقل يحكم بمعذوريّة الفاعل و المكلّف عن ترك المهمّ بالاشتغال بالأهمّ أو ترك أحد المتساويين بالاشتغال بالآخر.
فترك الحكم الفعلي و مخالفته قد يكون لعذر، فلا يعاقب عليه، و قد يكون لا لعذر، فيعاقب عليه. و لهذا لو ترك المتزاحمين فيما يمكن له تركهما استحقّ العقوبة على ترك كلّ واحد لمخالفته الحكم الفعلي بلا عذر مع قدرته على إتيانه.
و التفصيل و رفع الإشكالات المتوهّمة يطلب من محلّه. [2]
[1] المكاسب: 44، المسألة الرابعة عشر من النوع الرابع، فيما استثني من الغيبة.
[2] راجع تهذيب الأصول 1- 304، المقدّمة الرابعة من مبحث الأهمّ و المهمّ.