و كيف كان، لا شبهة في عدم دلالة تلك الطائفة على حرمة المعاملة، و لا الثمن و لا بطلانها في غير ما قلناه.
و الطائفة الأخرى: ما دلّت على حرمة ثمنها.
كصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّه- عليه السلام-: «في رجل ترك غلاما له في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا، فانطلق الغلام فعصر خمرا ثمّ باعه، قال:
لا يصلح ثمنه. ثمّ قال: إنّ رجلا من ثقيف أهدى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم روايتين من خمر، فأمر بهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فأهريقتا، و قال: إنّ الّذي حرّم شربها حرّم ثمنها.»
و هذه الطائفة أيضا قاصرة عن إثبات الحكم بنحو الإطلاق، لأنّ المتعارف في بيع الخمر- بحيث كان غيره نادرا جدا سيّما في تلك الأزمنة- هو البيع للشرب الحرام.
و أمّا التخليل فالظاهر عدم انقلاب الخمر خلّا. و ما وردت في بعض الروايات من تخليلها بالعلاج [2]، لعلّها الّتي كانت في حال الغليان، و اختمرت في الجملة، دون ما صارت خمرا. و لهذا أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بإهراقها، و إهراق جميع ما في المدينة من الخمر، على ما في بعض الروايات [3].
فلو كان انقلابها إلى الخلّ ممكنا، لكان من البعيد الأمر بإهراقها. و لهذا
[1] الوسائل 12- 164، الباب 55 من أبواب ما يكتسب به، الحديث 1، و قريب منه الحديث 2 و 6 من الباب.
[2] الوسائل 2- 1098، كتاب الطهارة، الباب 77 من أبواب النجاسات.
[3] راجع الوسائل 12- 164، الباب 55 من أبواب ما يكتسب به، و الوسائل 17- 222، كتاب الأطعمة و الأشربة، الباب 1 من أبواب الأشربة المحرّمة، الحديث 5.