بظواهر الأخبار، و قد استقصينا البحث معه في كتاب الطهارة عند القول بنجاسة المخالف [1] و قلنا: إنّ الإسلام ليس إلّا الشهادة بأن لا إله إلّا اللّه و أنّ محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ذكرنا الوجه في الأخبار الكثيرة الدالّة على أنّهم كفّار أو مشركون، بل لقصور أدلّة حرمة الغيبة عن إثباتها بالنسبة إليهم:
أمّا مثل الآيتين المتقدّمتين فلأنّ الحكم فيهما معلّق على المؤمنين و الخطاب متوجّه إليهم.
و توهّم أنّ اختلاف الإيمان و الإسلام اصطلاح حادث في عصر الأئمّة- عليهم السلام- دون زمان نزول الآية الكريمة [2]، فاسد جدّا.
أمّا أوّلا فلأنّ الأئمّة لا يقولون بما لا يقول به اللّه تعالى و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، كما هو من أصول المذهب و تدلّ عليه الروايات، فلا يكون الإيمان عند اللّه- تعالى- و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم غير ما عند الأئمّة- عليهم السلام.
و أمّا ثانيا فلأنّ الإيمان كان قبل نصب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا- عليه السلام- للولاية عبارة عن التصديق باللّه و رسوله، و لم يكن قبل نصبه، أو قبل وفاته على احتمال، موردا لتكليف الناس و من الأركان المتوقّف على الاعتقاد بها الإيمان، لعدم الموضوع له، و أمّا بعد نصبه، أو بعد وفاته صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، صارت الولاية و الإمامة من أركانه.
فقوله تعالى إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ[3] هو جعل الأخوّة بين المؤمنين الواقعيين، غاية الأمر أنّ في زمان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان غير المنافق مؤمنا واقعا، لإيمانه باللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و بعد ذلك كان المؤمن الواقعي من قبل الولاية و صدقها أيضا.
[1] راجع كتاب الطهارة للمؤلّف- قدّس سره- 3- 316، (طبعة أخرى: 240) في بيان مفهوم الكفر.
[2] راجع حاشية المكاسب، للفاضل الإيرواني: 32 في حرمة الغيبة.