و إن شئت قلت: إنّ السيرة ليست من المسلمين المبالين بالديانة، و ليست المعاملة معهم مع العلم بالصرف في الظلم إلّا كبيع الخمر و آلات الطرب الذي هو رواج في سوق المسلمين. و لا يمكن عدّه من سيرتهم الكاشفة و لا من سيرتهم بما هم مسلمون.
أو قلت: إنّ تلك السيرة مردوعة بالروايات المستفيضة، و إنّما الاتّكال عليها لكشفها عن رضى الشارع، و مع تلك الروايات الصالحة للردع لا يمكن ذلك.
هذا مع أنّ ترك المعاملة مع عمّال الأمراء و السلاطين كان مظنّة للضرر و مخالفا للتقيّة، سيّما في أعصار الأئمّة- عليهم السلام-، و معه لا يمكن الكشف عن الحكم الواقعي.
[ثالثها:] التمسّك بأدلّة وجوب النهي عن المنكر
ثالثها: أدلّة وجوب النهي عن المنكر. بأن يقال: دفع المنكر كرفعه واجب، و لا يتمّ إلّا بترك البيع.
و ربّما نسب هذا الوجه إلى المحقّق الأردبيلي [1]، لكن لا يظهر منه ذلك بل الظاهر منه استبعاد جواز بيع العنب ممّن يعلم أنّه يصنع خمرا أو يظنّ ذلك، مع وجوب النهي عن المنكر.
قال: «و ممّا يستبعد الجواز و عدم البأس- و هو الباعث على تأويل كلامهم- أن يجوز للمسلم أن يحمل خمرا لأن يشرب و الخنزير لأن يأكله من لا يجوز له أكله، و باع الخشب و غيره ليصنع صنما و الدفوف و المزامير، مع وجوب النهي عن المنكر و إيجاب كسر الهياكل و عدم جواز الحفظ و كسر آلات اللهو و منع الشرب و الحديث
[1] الناسب هو الشيخ الأنصاري، راجع المكاسب المحرّمة- 18، في بيع العنب ممّن يعمله خمرا.